فإنه رتب الحكم على الفساد المستفاد من مفهومه على عصيان الله تعالى ، فيفهم أن العصيان ملازم للفساد . وهذا الاستدلال مبني على أن حكمه عليه السلام بالفساد عند كونه عصيانا له تعالى من الاحكام المولوية دون الارشادية . مع أن الظاهر أنه عليه السلام أراد الرد على فقهاء العامة ، فإنهم زعموا أنه معصية له تعالى ، فنبه عليه السلام على أنه ليس الامر كذلك بل إنما عصى سيده فقط ، هذا . مضافا إلى أنه ليس المراد بالعصيان إتيان ما هو مبغوض له تعالى ، وإلا فلا يصح نفيه عليه السلام إياه ، لان معصية السيد أيضا عصيان لله تعالى ، باعتبار أن وجوب إطاعة السيد على العبد حكم من أحكام الله تعالى . بل المراد به تمرد العبد وخروجه عن رسم العبودية بالنسبة إلى مولاه فقط ، فإنه تصرف بما يغير حالاته وكيفية تعيشه كوجوب نفقة زوجته وتقليل عمله لمولاه ، فيرجع إلى ما ذكرنا من أنه إن كان الشئ مبغوضا بسنخه ونوعه لا بشخصه فهو ملازم للفساد من حيث إن مبغوضيته بلحاظ ترتب آثاره ، فإذا كان مبغوضا لم يحصل شرعا ، فلم يقع عرفا أيضا ، لان تنفيذ الاحكام العرفية منوط بإمضاء الشارع كما لا يخفى . فتحصل مما ذكرنا : أن النزاع في موضعين : ( أحدهما ) هل التحريم مطلقا من أي سبب كان - من قول صريح أو غيره ، وفعل وإشارة وكناية ، وغيرها المستفاد من الاخبار والاجماع والعقل الدالين على التحريم - ملازم للفساد أم لا ؟ ( ثانيهما ) هل النواهي في المعاملات والعبادات تدل على الحرمة أو الفساد ؟ وعلى الأول يكون من صغريات البحث الأول ، وليس بينهما جامع ، فإن الأول عقلي والثاني لفظي . فترديد بعض الأعاظم [1] أعلى الله مقامه بأن المسألة هل هي عقلية أو لفظية
[1] هو صاحب الكفاية المرحوم المحقق الآخوند الخراساني .