عنه فعلا كما ذهب إليه أبو هاشم [1] من المعتزلة ومال إليه المحقق القمي قدس سره ؟ أو مأمور به فقط كما حكي عن الشيخ المحقق الأنصاري رحمه الله ؟ أو حرام فعلا ولو لم يكن منهيا عنه لكنه بالنهي السابق كما مال إليه صاحب الكفاية رحمه الله ؟ أو مأمور به مع إجراء حكم المعصية عليه كما ذهب إليه بعض ؟ وجوه وأقوال . وتوضيح المقام يحتاج إلى بيان مقدمات : الأولى : الاضطرار إلى الحرام إما أن يكون رافعا للحرمة عقلا كما إذا سلب الاختيار ، أو شرعا كما إذا اضطر إلى شرب الخمر ، لحديث الرفع . ثم على التقديرين إما أن يكون مضطرا إلى ارتكاب محرم بعينه أو أحد المحرمين ، والثاني إما أن يكونا متساويين في الحرمة كما وكيفا أو مختلفين فيهما . لا كلام على الأول ، وكذا على الثاني في جواز ارتكاب أحدهما المعين . أما لو اختار أشدهما أو أكثرهما عددا لم يكن معذورا في ارتكاب ذلك ، وهل يكون معذورا بالنسبة إلى القدر المشترك بينهما أم لا ؟ وجهان . الثانية : الاضطرار إلى الحرام إما أن يكون بفعل غير اختياري كما لو مرض أو اضطر إلى شرب الخمر أو بفعل اختياري ، تارة يكون مباحا ، وأخرى يكون حراما متحدا مع الحرام المضطر إليه صنفا ، كالزنا الموجب لحبسه في مكان مغصوب مثلا أو متحدا كذلك ، لكن يكون مختلفا فردا كالسرقة الموجبة كذلك ، أو متحدا شخصا كما إذا كان الغصب حدوثا موجبا للحبس في مكان مغصوب . وكل واحد منهما إما أن يكون مع الالتفات إلى انجراره إلى الحرام أو مع عدم التفاته إلى ذلك أو تردده في ذلك .
[1] الجبائي أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران بن أبان مولى عثمان ابن عفان ، ويطلق عليه ( يعني الجبائي ) على ابنه أبي هاشم عبد السلام بن محمد ، ويقال لهما الجبائيان ، وكلاهما من رؤساء المعتزلة ( إلى أن قال : ) توفي الجبائي سنة 303 ه وابنه أبو هاشم سنة 321 ه ( الكنى والألقاب : ج 2 ص 126 ) .