جميعا العقاب ؟ فلأجل هذه العويصة حدثت فيهم أقوال ثلاثة : ( أحدها ) تعلق الوجوب بمجموع المكلفين من حيث المجموع . ( ثانيها ) تعلقه بأحدهم . ( ثالثها ) ما نسب إلى المشهور بين قدماء الأصوليين وهو تعلقه بكل واحد واحد لكنه يسقط - بفعل الواحد - عن الباقين ، وفي جميع هذه الأقوال ما لا يخفى . أما الأول : فإن المجموع بما هو لا عقل له ولا اختيار ولا ينبعث ببعث المولى وهي مما لا بد منها في التكليف . وأما الثاني : فإن أريد من أحدهم مفهوم الاحد فالمفهوم غير متعلق للتكليف لا نفيا ولا إثباتا ، وإن أريد مصداقه فلا يعقل لان الترديد النفس الأمري بالنسبة إلى المبعوث إليه أمر ممكن بعد تنجيز أصل التكليف كما في الواجب التخييري ، وأما بالنسبة إلى المبعوث فلا يعقل لعدم انبعاثه حينئذ ، فلا يصح عقاب أحد بترك الواجب الكفائي ، وهو خلاف الاتفاق الذي ذكرناه وسقوط الامر بفعل واحد . وأما الثالث : فإن سقوط الامر بفعل واحد منهم عن الباقين إن كان بلا حصول المطلوب فهو خلاف الغرض ، ولذا يثاب الفاعل ، ولان الامر لا يسقط إلا بالإطاعة أو العصيان أو ذهاب الموضوع ، فحيث انتفى العصيان والمفروض بقاء الموضوع يتعين الإطاعة ، فلم لم يثابوا جميعا عند إتيان أحدهم ؟ فإنه مع حصوله لا بد من ترتب الثواب للاتفاق الذي ذكرناه . فالذي يقتضيه التحقيق - بعد التأمل في كلمات الأصوليين - أن يقال : إن البعث توجه إلى كل واحد ، لكن المبعوث إليه هي الطبيعة الغير المقيدة بصدورها من الافراد ، فإذا أتى أحدهم فقد تحققت الطبيعة فيسقط الامر لحصول تمام المطلوب بإتيان هذا الفرد . وبعبارة أخرى : كل أمر توجه إلى مكلف له ثلاثة تعلقات ( أحدها ) التعلق بالامر . ( ثانيها ) التعلق بالمأمور . ( ثالثها ) التعلق بالمأمور به . والواجب الكفائي