عنده أيضا كما يعلم ، بالمراجعة إلى حال الموالي بالنسبة إلى العبيد . ثم لا يخفى أنه لا يكون هذا الكشف بالدلالة اللفظية - بمعنى أن صيغة ( افعل ) مثلا تدل على أن منشأ الاستحقاق يكون طلبا كذائيا كما هو المتراءى من الكفاية ، من أنه بالوضع أو بالاطلاق ، ومن أن الصيغة مثلا تدل على الطلب المتقيد بالإرادة النفسانية وضعا أو إطلاقا لعدم [1] الدليل على إثبات هذا المعنى لها . مضافا إلى ما فيه ( أولا ) من أن الإرادة لا تكون قابلة للانشاء كما أشرنا إليه في بحث الطلب والإرادة . و ( ثانيا ) أن الإرادة النفسانية تكون علة لانشاء الطلب ، والمعلول لا يمكن أن يتقيد بعلته ، ضرورة لزوم تقدم العلة على معلولها رتبة ، والمتقدم بمرتبة لا يمكن أن يكون قيدا للمتأخر عنه بتلك الرتبة فإن وجود القيد لو لم يكن متأخرا عن المقيد فلا أقل من لزوم تقارن وجودهما . نعم ، يمكن أن يستفاد الموضوع [2] من الأصل . توضيحه : أنه إذا قال المولى : اضرب ( فتارة ) يشك في أن صدوره كان لمعنى أم لا ؟ فالأصل يقتضي الأول . ( وأخرى ) في الإرادة الجدية أو كانت استهزاء فهو أيضا يقتضي الأول . ( وثالثة ) دلالة لفظة ( اضرب ) على معناها الحقيقي أو المجازي - وهو الضرب مثلا - فهنا تجري أصالة الحقيقة ، ومعلوم أن مدلول اللفظ منحصر في الثالث دون واحد من الأولين ضرورة عدم دلالة اللفظ على صدوره لمعنى أو عن جد وإرادة . فانقدح بذلك أن منشأ حكم العقلاء باستحقاق العبد العقوبة لا يكون بدلالة . لفظية ، بل بالأصل العقلي ، ولا يحتاج إلى دليل وبيان أو إقامة برهان بل يكون الحكم المذكور ناشئا من نفس الطلب .
[1] تعليل للنفي المذكور بقوله مد ظله : لا يكون هذا الكشف . . . الخ ، يعني عدم كون الكشف بالدلالة اللفظية لأجل عدم الدليل . [2] أي الموضوع لحكم العقلاء باستحقاق العبد العقوبة .