فلا بد من بيان ما يمتاز أحدهما عن الاخر ثبوتا أولا ، ثم بيان استظهار أحدهما عند التجرد عن القرينة ليحمل عليه ثانيا إثباتا . فنقول بعون الله تعالى : كل شيئين هما اثنان لا بد لهما مما يمتاز أحدهما عن الاخر ، فإما بالتباين الحقيقي بمعنى أنه لا شئ من ذات أحدهما بالآخر ، وإما بالفصل بمعنى أن له حيثية مشتركة في مرتبة الذات وحيثية مختصة في مرتبتها أيضا وهو الفصل ، وإما بالمرتبة بمعنى أن ما به الامتياز من نفس ما به الاشتراك . وهو [1] إما بالكيف كالشدة والضعف وهو تارة يكون بالضمائم الخارجية ولا إشكال في وجوده ، وأخرى بنفس العرض . أو بالكم كالأطولية والأقصرية ، أو بالذات كالأكملية والأنقصية بناء على وجود هذا القسم في الذات أيضا . لا إشكال في عدم كون امتياز الواجب عن المندوب من قبيل الأول [2] لاشتراكهما في الطلب كما هو المفروض . وتعريفهم الواجب بأنه طلب الفعل مع المنع من الترك يؤيد كونه من القسم الثاني [3] . وفيه : ان مفهوم الوجوب بسيط مع أنه قد يكون المنع من الترك عين طلب الفعل ، فلا يكون جزء له باعتبار المغايرة في الاجزاء . وتعريف آخرين للوجوب بأنه ما يستحق تاركه العقاب والمندوب ما ليس كذلك ، أو أنه ما لا يرضى الامر بتركه ، والمندوب ما يرضى به موهم أنه من الثالث ، أي ما يكون امتيازهما بالعوارض . وفيه : ان استحقاق العقاب [4] معلول للطلب الايجابي والمعلول متأخر في مرتبة الوجود الذهني عن العلة فلا يصلح لان يكون مميزا في مرتبة التي
[1] أي كونها بالمرتبة . [2] أي كونه بالتباين . [3] أي كونه بالفصل ، وجه التأييد كون طلب الفعل بمنزلة الجنس ، والمنع من الترك بمنزلة الفصل . [4] جواب عن التعريف الأول .