الثانية ، بل دلالة الألفاظ على أنحاء ( منها ) ان لها دلالة تصورية لا غير ، فتأمل . والحاصل : أن المتكلم إذا تكلم بكلام موضوع للمعنى التصديقي فدلالته على الموضوع له تابعة للإرادة . وبعد الإحاطة على ما ذكرنا فاعلم أن ما يستفاد من المتكلم بكلام على أنحاء . ( منها ) الاعتقاديات ، وهذا القسم مخصوص ومختص بما إذا صدر الكلام من معصوم عليه السلام ، فإن تمت المقدمات المذكورة بتمامها على نحو القطع حصل القطع بها ، وإلا يحصل الظن إن كانت إحدى المقدمات ظنية ولو كانت البقية قطعية ، أو حصل الوهم إن كانت إحداهما وهمية والباقية غيرها . وهذا القسم من الظواهر الموجبة للظن ، ليست بحجة . ( ومنها ) ما ينشأ لاستفادة العمل منها ، فإن كان المتكلم بحيث لا يجب على المخاطب إطاعته عقلا وعرفا فحجيته وعدمها دائرة مدار ما هو المقصود للمستفيد ، كما في إخبار أهل الخبرة بالنسبة إلى الأمور الدنيوية . وإن كان بحيث يجب العمل بقوله عقلا كالعبيد بالنسبة إلى المولى الحقيقي أو عرفا كالعبيد العرفية بالنسبة إلى مواليهم . فالظاهر - بل المقطوع - عدم الاشكال في حجية أمثال هذه الظواهر ، لما ذكرنا من كونها من الأمور العقلائية التي كانت قبل الشرع ، كما هو الان كذلك بين كل من يتشرع بشرع ، وهذه هي أقدم الامارات وأظهرها وأعمها لاحتياج الناس إلى إيصال مقاصدهم ، وهو لا يحصل إلا بالألفاظ التي لها ظهور . ومن المقاصد - بل المقصد الأعلى - وصول المكلفين إلى الكمالات النفسية والعقلية ، وهو متوقف على التكلم بالألفاظ غالبا ، فلو لم تكن ظواهر ألفاظ المولى الحقيقي حجة يلزم نقض الغرض ، وتعطيل أكثر الوصولات إلى الكمالات لو لم يكن كلها ، ولا يحتاج إلى الاستدلال إلى أكثر من هذا .