وبعبارة أخرى : المعاني التصديقية هي المعاني الارتباطية التي هي النسب ، والمراد بالمعاني الارتباطية هو كون المعنى بحيث لا يكون له ما بحذاء لا في الذهن ولا في الخارج ، بل تدل أطراف القضية على نفس الارتباط الذي هو بالحمل الشايع ارتباط ، لا بالحمل الأولي الذاتي كالمعاني الحرفية ، حيث إنها تدل على المعاني التي لا يكون بحذائها شئ في الخارج ، ولا في الذهن كما في قولك : سرت من البصرة إلى الكوفة ، بخلاف إيراد مفردات هذه الألفاظ بلا ارتباط مثل : السير وأنا والبصرة والكوفة والابتداء والانتهاء . فالمعنى الاسمي وإن كان له وجود ذهني إلا أن الارتباط غير مفهوم منه . ومن قبيل ما وضع لحكاية المعنى التصوري أسماء المبهمات - كالموصولات وأسماء الإشارة - بناء على ما هو التحقيق من كونها موضوعة للإشارة لا لمفهومها ، بل لحقيقتها . وبعبارة أخرى : لما هو بالحمل الشايع إشارة . إذا عرفت هذا فاعلم أن الألفاظ الموضوعة لافهام المعاني دلالتها على المعنى تكون دلالة تصورية ، ولا يحتاج إلى إرادة متكلم ، بل لو كان وجودها بتموج الهواء كانت دالة أيضا . وأما الألفاظ الموضوعة لافهام المعاني التصديقية فيشترط كون ألفاظها المفردة موضوعة للمعنى التصوري ووجود الهيئة التي لها دخل لدلالتها على المعنى التصديقي ، فيحتاج إلى صدورها من انسان ذي غرض وكان غرضه الافهام وهو عالم بدلالتها التصديقية وكان علمه مطابقا للواقع مريدا لها . وما قرع سمعك من الشيخ الرئيس والمحقق الطوسي من كون الدلالة تابعة للإرادة يراد به ما ذكرنا من كون المعنى التصديقي مرادا له . وبه يدفع ما أورده المحقق الخراساني رحمه الله من كون مرادهما أن العلم بالدلالة موقوف على إحراز إرادة المتكلم . فإنه [1] ليس كل لفظ له دلالة تصورية ودلالة تصديقية كي يجعل النزاع في