والأول يلزم منه أن يدخل العرض العام في مفهوم النوع في نحو قولنا : الانسان ناطق بمعنى شئ له النطق ، فإن الشئ مفهوم عام شامل للأشياء كلها وأخذه في مفهوم الناطق الذي هو فصل للانسان موجب لما ذكرنا من المحال . والثاني يلزم منه انقلاب الممكنة الخاصة إلى الضرورية في نحو قولنا : الانسان ضاحك ، لان معنى ضاحك على هذا شئ له الضحك فتصير القضية : الانسان انسان له الضحك وثبوت الشئ - أعني الانسانية - لنفسه - أعني الانسان - ضروري ، فيلزم أيضا ما ذكرناه من المحال . أقول : ما ذكره المحقق رحمه الله من بساطة مفهوم المشتق صحيح لان قولنا : زيد شئ ، وزيد قائم ، ليس تكرارا ، وكذا قولنا : زيد قائم وزيد ليس بشئ لا يكون تناقضا ، وكذلك ينتزع من القضيتين ، المتحد محمولهما أمر واحد ، وهو حيثية المبدأ . وأما ما ذكره رحمه الله من لزوم المحال على التقديرين فليس بجيد ، غاية الامر أن يقال : ما ذكره المنطقيون من كون الناطق فصلا ليس كذلك ، بل غفلوا عن ذلك ، وكذا في تسمية المثال الثاني ممكنة خاصة ، بل الحق مثلا أن يذكروا الناطق عرضا خاصا ويسموا قضية الانسان ضاحك ضرورية . فعلى هذا يمكن أن يستظهر من كلام المنطقيين ما يؤيد ما قلنا من البساطة بأنهم أيضا لم يفهموا من المشتقات إلا المعنى البسيط ، ولم يتبادر إلى ذهنهم إلا ذاك المعنى ، فلذا سموا الناطق فصلا والقضية المذكورة ممكنة خاصة [1] . وأما ما أفاده شيخنا أعلى الله مقامه في الكفاية في رد صاحب الفصول - الذي عبارته في الفصول هكذا : ويمكن أن يختار الوجه الأول ، ويدفع الاشكال بأن يكون الناطق فصلا ، مبني على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات ، وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك ، انتهى - بقوله أعلى الله مقامه : وفيه أن من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه