تذييل قد ذكرنا أن المفهوم على مذاق القدماء هو عبارة عن دلالة القيد على مدخليته في ثبوت هذا الحكم في الجملة ، بحيث لولا هذا القيد للزم الهذرية في زيادة القيد من غير فرق بين الموارد من شرط أو وصف أو غاية أو استثناء . نعم يحتمل في الثالث كونه موضوعا لدلالته على ثبوت الحكم للمذكور وانتفائه عن المنطوق مثل ( إلى ) و ( حتى ) فإنهما موضوعان لانتهاء الحكم ، فدلالتها على الانتفاء إنما هو بالمنطوق ، وكذا ( إلا ) الاستثنائية موضوعة لثبوت الحكم نفيا كان أو إثباتا للمستثنى منه ونفيه عن المستثنى كذلك ، وقد اعترف شيخنا الآخوند الخراساني أعلى الله مقامه في الكفاية بالنسبة إلى ما كان قيدا للحكم لا للموضوع كما في قوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق [1] حيث إن موضوع الحكم اليد إلى المرفق . ولا يخفى أن ( إلا ) موضوعة لنفي الحكم الذي نسب إلى المستثنى منه عن المستثنى . فالاشكال بأن كلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) لا تفيد التوحيد على تقدير إضمار ممكن أي لا ممكن أو على تقدير موجود أي لا موجود مندفع ، بأن المعنى لا معبود ، فإن العرب كانوا يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى ، كما حكاه الله تعالى عنهم بقوله : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى [2] فلا يفهمون هذه الاصطلاحات المستحدثة الفعلية من الوجوب بالذات وللذات ، والامكان ، ولوجوب الغير [3] .
[1] المائدة : 6 . [2] الزمر : 3 . [3] هكذا أفاده سيدنا الأستاذ الأكبر مد ظله العالي ، لكن يبقى الاشكال بالنسبة إلى الزمان الحاضر لو أقر بالتوحيد بهذه الكلمة وأراد واحدا منها هل يكون مسلما أم لا ؟ نعم يمكن أن يقال : إن مجموع المستثنى منه والمستثنى وأداة الاستثناء عبارة عن جملة موجبة كقولنا : ( الله المفروض الوجود واحد ) فيكون كافيا في الحكم بالتوحيد ، والله العالم .