بينها وبين الكلّي الموضوع له ، لزم أن يكون هذه الألفاظ على كثرتها مجازات بلا حقيقة ، بل يلزم أن يكون المجاز بلا حقيقة أكثر بمراتب شتّى من الحقيقة مطلقاً فضلا عن الحقيقة بلا مجاز ، وهذا ضروري البطلان حتّى على القول بوقوع المجاز بلا حقيقة ، وإن كان لا على الوجه المذكور لزم عدم كونها حقائق ولا مجازات ، لفرض عدم التعويل في استعمالاتها على وضع ولا على علاقة . أمّا الأوّل : فلانتفائه ، وأمّا الثاني : فبحكم الفرض ، واللازم بديهي البطلان لانتفاء الواسطة فيما بين الحقيقة والمجاز مع وقوع الاستعمال . ويرد على الفريق الثاني : لزوم اللغو والعبث على الواضع الحكيم ، لفرض انتفاء الاستعمال الّذي هو الغرض المطلوب من الوضع ، والفائدة المقصودة منه . وتوهّم أنّ المعتبر في صحّة الفعل من الحكيم كونه عن غرض ، ولأجل ترتّب فائدة عليه ، ولا يعتبر حصول الغرض وترتّب الفائدة عليه فعلا . يدفعه : أنّ المعتبر في صحّة قصد الغاية وترتّب الفائدة احتمال الترتّب ، وكونها مرجوّ الحصول ، فلا يمكن مع العلم بالعدم ، كما هو الحال في المقام ، لمكان علم الواضع الحكيم باستهجان الاستعمال في المفهوم الكلّي . وتوهّم أنّ الوضع قد يكون للتوصّل إلى صحّة التجوّز بالاستعمال في الجزئيّات مجازاً . يدفعه : أوّلا ما تقدّم من بطلان المجاز بلا حقيقة في هذه الألفاظ بأسرها . وثانياً : أنّ الوضع للكلّيات لفائدة التوصّل إلى صحّة التجوّز في الجزئيّات ليس بأولى من الوضع للجزئيّات توصّلا إلى صحّة الاستعمال ، بل العكس أولى بالإذعان ، لأنّه أقرب بالاعتبار مع كون الأوّل من باب الأكل من القفاء ، فيندرج في اللغو أيضاً ، بناءً على أنّه ليس في التجوّز هنا من وجوه البلاغة ما لا يكون في الحقيقة ، وكيف كان فالمعتمد ما عليه المتأخّرون . لنا عليه وجوه : أحدها : التبادر ، فإنّ المتبادر من هذه الألفاظ المسموعة من وراء الجدار إنّما