ضرورة اقتضائه استناد العلم إلى الأدلّة التفصيليّة دون الإجماليّة ، مع أنّ العلم في وصفي الإجمال والتفصيل يتبع دليله ، فكيف يعقل استناد التفصيل إلى الأدلّة الإجماليّة لو أُريد بها ما هو بالمعنى الثاني . وثالثاً : أنّ هذا العلم له اعتبارات ثلاث ، حسبما عرفت : أحدها : نفس المسائل . وثانيها : التصديق بها . وثالثها : ملكة التصديق بها . والكلّ ممّا يتوقّف عليه " الفقه " كما لا يخفى ، وحينئذ فإن اعتبر المعنى العَلَمي المأخوذ معرِّفاً بالنسبة إلى هذا العلم نفس المسائل - بناءً على كون ألفاظ العلوم لنفس مسائلها - انتقض الطرد بالاعتبارين الأخيرين ، لأنّهما أيضاً ممّا يبتنى عليه " الفقه " وليس من المعرّف . وإن اعتبر التصديق بالمسائل انتقض الطرد بالاعتبار الأوّل والثالث ، وإن اعتبر ملكة التصديق بها انتقض بالاعتبارين الأوّلين والوجه ما ذكر . وأمّا ما قد يتعسّف - كما عن شيخنا البهائي في حواشي الزبدة [1] - من تقدير مضاف قبل " الأُصول " ليكون المعرّف هو علم " أُصول الفقه " . ففيه : ما لا يخفى ، إذ المقصود أخذ " أُصول الفقه " بمعناه الإضافي تعريفاً لمعناه العَلَمي ، والمضاف المقدّر ليس بداخل في المعنى الإضافي على وجه يكون ملحوظاً معه بطريق القيديّة ، مع أنّ اللفظ إذا قصر عن إفادة المضمر فاعتباره بحسب الواقع لا يجدي في دفع الإشكال ، كما أنّه لا يجدي في دفعه ما أفاده بعض الفضلاء [2] من أنّ هذا الاسم كأسامي سائر العلوم موضوع تارةً بإزاء نفس المسائل ، وأُخرى بإزاء العلم ، على ما يرشد إليه تتبّع موارد استعماله ، فمعناه الإضافي منطبق على معناه العلمي بالاعتبار الأوّل ، ومعه لا حاجة إلى التقدير