إلاّ أن يعتذر بكونه لمراعاة التعريف باللازم ، غير انّه لا يجدي إذا كان الحدّ بنفسه ظاهراً في الملزوم . ومنها : ما صنعه بعضهم أيضاً ، من اعتبار مدلول الدليل الّذي اضطربت العبارات المتكفّلة لبيانه أيضاً ، والمتحصّل منها مع تحرير منّا وجوه : الأوّل : كونه عنواناً يعتبر في " الأحكام " ليكون الفقه عبارة عن العلم بالأحكام على أنّها مداليل للأدلّة ، فإنّها بهذه الحيثيّة معلومة وإن كانت من حيث كونها أحكاماً واقعيّة مظنونة ، فإنّ الشئ قد يجتمع فيه جهات وحيثيّات تكون بعضها معلوم النسبة إليه وبعضها الآخر مظنونها وبعضها الثالث مشكوكها وبعضها الرابع موهومها ، فكونه في بعضها مظنوناً أو مشكوكاً أو موهوماً لا ينافي كونه معلوماً في بعضها الآخر ، فكون مظنونات المجتهد من حيث إنّها أحكام واقعيّة مظنونة بالفرض لا ينافي كونها من حيث إنّها مداليل الأدلّة معلومة . الثاني : اعتباره في الحدّ من باب الإضمار . الثالث : اعتباره علاقةً للتجوّز في " العلم " بإرادة الظنّ منه استعارةً ، بمشابهة كونه كالعلم مدلولا للدليل . ولا يخفى ضعف هذا الاعتبار بجميع وجوهه . أمّا الوجه الأوّل : فلوضوح أنّ منظور الفقيه في المسائل الفقهيّة ليس استعلام ما هو مدلول الدليل ، بل منظوره استعلام أحكامه الفعليّة وإن لزمها كونها مداليل الأدلّة ، غير أنّه فرق واضح بين كون شئ هو الجهة المبحوث عنها في الفنّ وكونه من لوازم تلك الجهة ، فإنّ لازم الشئ قد لا يكون من قبيل المقاصد . ومن البيّن اختلاف العناوين باختلاف حيثيّاتها ، وهذا بعينه ينهض وجهاً لضعف الوجه الثاني . وأمّا الوجه الثالث : فيظهر وجه ضعفه بملاحظة ما سبق [1] مضافاً إلى أنّ كون شئ مدلولا للدليل لا يصلح علاقة للتجوّز .