ولو سلّم فالظنّ الّذي يعتبر فيه وجوب العمل لابدّ وأن يكون حجّة ، إمّا بمعنى ما هو ملزوم لصيرورة متعلّقه حكماً واقعيّاً فيلزم التصويب ، أو حكماً فعليّاً فيستحيل أخذه في الجنس ، لأنّ الظنّ بهذا الاعتبار مأخوذ في وسط دليل الحكم الفعلي ، فلا يعقل كونه مطلوباً من استدلالات المسائل الّتي هي نتائج هذا الدليل ، ضرورة أنّ الوسط ملزوم للأكبر وملزوم الشئ لا يصلح عارضاً له ، والمفروض أنّ جنس الحدّ لابدّ وأن ينحلّ إلى ما يؤخذ في نتائج الفنّ ويتعلّق بالنسب المأخوذة في تلك النتائج ، ولو سلّم فالتجوّز غير لازم الارتكاب بعد إمكان الحقيقة . أمّا الوجه الرابع [1] : فمرجعه إلى سابقه إن اعتبر الموصول كناية عن الظنّ ، فيدفعه ما تقدّم ، وإلاّ فيرجع إلى ما سبق عن المصنّف من حمل " العلم " على مطلق الاعتقاد ، وإن حصل الفرق بينهما بالاعتبار من جهة تفاوت العلاقة المعتبرة ، لأنّه على ما سبق مجاز مرسل بعلاقة العموم والخصوص ، وعلى ذلك استعارة بعلاقة وجوب العمل ، فيرد عليه أكثر ما ورد على سابقه . وأمّا الوجه الخامس [2] فيدفعه : أوّلا : منع كون مسمّى ألفاظ العلوم نفس المسائل . وثانياً : منع كون المطلوب بالبحث في المسائل الفرعيّة وجوب العمل بالمظنون ، بل المطلوب هو الحكم الفعلي المستلزم لوجوب العمل . وتوضيحه : أنّ الفقيه إذا ظنّ بملاحظة قوله تعالى : ( أقيموا الصلاة ) [3] بوجوب الصلاة ، ينتظم عنده قياس بتلك الصورة : " الصلاة ما ظننت بوجوبه ، وكلّما ظننت بوجوبه فهو واجب فعلا " والوجوب المأخوذ في نتيجة هذا القياس حكم فعلي ، ووجوب العمل ليس بعينه وإنّما هو لازمه شرعاً ، والمبحوث عنه في الفقه هو الملزوم لا اللازم ، فلا وجه لأن يؤخذ جنسه ما هو من قبيل اللازم ،
[1] كذا في الأصل . [2] كذا في الأصل . [3] الأنعام : 72 .