نعم إن كان الجنس محمولا على نفس الإدراك كان شاملا لعلم المقلّد ، فيحتاج حينئذ إلى مُخرِج ولا مُخرِج له إلاّ قيد " التفصيليّة " على ما فهمه الأكثرون ومنهم المصنّف على ما هو صريح العبارة المتقدّمة ، لأنّ العلم الحاصل عن الأدلّة التفصيليّة على ما بيّنّاه مخصوص بالمجتهد . لكن أورد عليه : تارةً بأنّه إن أُريد بما ذكر أنّ الدليل الإجمالي مقصور على المقلّد ولا يوجد للمجتهد . ففيه : أنّ نظير ذلك موجود له أيضاً ، وهو قوله - في كلّ مسألة مسألة : هذا ما أدّى إليه اجتهادي ، وكلّما هو كذلك ، فهو حكم الله في حقّي وحقّ مقلّدي . وإن أُريد به أنّ للمجتهد - مضافاً إلى الدليل الإجمالي - أدلّة تفصيليّة ولا يوجد مثلها للمقلّد . ففيه : أنّ له أيضاً أدلّة تفصيليّة ، وهي فتاوى المجتهد المجتمعة له في الوقائع كلّها . وأُخرى : بمنع خروج علم المقلّد بقيد " التفصيليّة " فإنّه لاستناده إلى علم المجتهد وفتواه المستندين إلى الأدلّة التفصيليّة ، ممّا يصدق عليه مفهوم قولنا : العلم المستند إلى الأدلّة التفصيليّة . وثالثةً : بمنع كون الدليل الإجمالي ممّا أُستند إليه علم المقلّد ، بل هو دليل لاعتبار علمه كما إنّ نظيره موجود للمجتهد . ورابعة : بمنع استناد خروج علم المقلّد إلى قيد " التفصيليّة " - وإن صحّ ذلك - بل هو مستند إلى قيد " أدلّتها " لما قرّر في محلّه من أنّه إذا اجتمع في الحدّ قيدان صالحان لإخراج شئ فالأولى إسناد خروجه إلى أوّلهما ، فيكون قيد " التفصيليّة " لمجرّد التوضيح . والجواب عن الأوّل : فباختيار الشقّين معاً ، على معنى أنّ ليس للمجتهد إلاّ أدلّة تفصيليّة ولا للمقلّد إلاّ دليل إجمالي .