المراد ، إذا ألقى كلامه بلا احتفافه بقرينة على التقييد ، يحكم العقلاء وينعقد عندهم لكلامه ظهور في أن ما جعله موضوعا - مثلا - لحكمه فهو تمام الموضوع له ، وبحكم أصالة التطابق بين الظهور والجد يحكم بأن الاطلاق هو مراده الجدي أيضا ، كما أنه إن تكلم في مقام بيان تمام المراد بالعموم يكون العموم ظاهرا بمقتضى الوضع في جميع الأفراد ، ويحكم بأصالة التطابق بأنه مراده الجدي أيضا ، ثم إذا قام دليل منفصل على خلاف هذا الإطلاق كان بمنزلة إذا قام على خلاف ذلك العموم ، يقدم منها ما هو الأقوى دلالة ، على ما هو المقرر في باب الجمع بين الأدلة اللفظية . وهذا الذي قلناه لا ريب في أنه حكم العقلاء هنا ، ومعه فلا ينبغي الإصغاء إلى ما في تقريرات بعض الأعاظم ، بل وفي كلمات الشيخ الأعظم ( قدس سره ) من أن الموقوف عليه انعقاد الإطلاق أن لا يرد قرينة على التقييد ، إلى حضور وقت الحاجة إلى العمل ، كما لا يخفى . المقدمة الثالثة : أن لا يكون للكلام قدر متيقن في مقام التخاطب ، واستدل لاعتبارها في الكفاية بأنه مع انتفائها ووجود هذا المتيقن لا اخلال بالغرض ، فإنه لو كان المتيقن تمام مراده فقد بينه ، غاية الأمر أنه لم يبين أنه تمام مراده ، وإنما اللازم بيان تمام المراد ، لا بيان أنه تمام المراد ، وزاد عليه في تعليقته على الكفاية ، بامكان استفادة أنه تمام المراد أيضا ، فراجع . أقول : وفيه أولا : أن تفريع انعقاد الظهور الاطلاقي على مسألة لزوم الإخلال بالغرض ، وتحديده مدار لزوم الإخلال بالغرض وعدمه ، وإن ذكر في كلام الأعاظم ، إلا أنه ممنوع ، بل إن كون المتكلم في مقام البيان وعدم ذكر قرينة على التقييد يوجب ظهور كلامه في أن ما جعله موضوعا لحكمه فهو تمام موضوع له . وبعبارة أخرى : إن هذه المقدمات تكون قائمة مقام الوضع ، بل أقوى منه ، وتوجب ظهور الكلام في الإطلاق ، ولا يلتفت العقلاء إلى أنه لولاه لزم اخلال الغرض لكي يدور الظهور مداره ، بل هو ظهور عقلائي يتبع هذه المقدمات .