إلا أنه لا يبعد المصير إلى أن التعريف فيه لفظي ، فإنه وإن أمكن توجيه كونه معرفة بأن نفس الطبيعة التي تتحد مع المصاديق الخارجية ، وإن لم يصح اتصافها بكونها معلومة بالذات - حسب اصطلاحهم - إلا أنها معلومة بالعرض قطعا ، بل قد عرفت في مبحث تعلق التكاليف بالخارجيات أن المتصف بالمعلومية والمشتاقية والمحبوبية هو نفس الواقع ، بلا تجوز ولا مسامحة عند العقلاء في توصيفها بهذه الأوصاف ، والملاك الفلسفي لهذه الاتصافات وجود صفة في النفس ، أو تجلي النفس بذاتها متعلقة بمرتبة نفسانية من هذه الأمور ، إلا أن هذه الأمور النفسانية لما كانت مرتبطات بمتن الطبائع الموجودة في الخارج نحو ارتباط ، وباصطلاحهم وجودات ذهنية نفسية لها ، صحح هذا الارتباط اتصاف الطبائع والواقعيات حقيقة بهذه الأوصاف ، فكما أن زيدا محبوب لك في الحقيقة واتصافه به لا يقتضي تعلق حبك به تكوينا وخارجا ، فهكذا يمكن أن يتصف أمر شخصي أو كلي بأنه معلوم لك معروف عندك مع تقوم علمك بوجوده النفسي ، وعدم تعلق ولا إضافة خارجية لنفسك به . وعليه فأمكن أن يكون تعريف علم الجنس لأجل كون لفظه دالا على هذه الحيثية المعلومية التي يكون للطبائع ، ولا يوجب امتناع صدقها على الخارجيات ، إذ المصاديق أيضا مصداق للطبيعة المعلومة فلا يستلزم الوضع لها تجريدا عند الاستعمال ولا لغوية الوضع ، فلا يرد عليه ، ما في الكفاية [1] ولا حاجة إلى إرجاع التعريف إلى التعين الذاتي الذي لكل من هذه الطبائع ، كما في نهاية الدراية [2] وتبعه سيدنا الأستاذ - دام ظله العالي - فإن التعريف هو المعروفية والمعلومية التي ملاكها تعلق العلم بها وهو غير التعين والامتياز ، كما لا يخفى . إلا أنه لما كان الالتفات إلى هذه الدقيقة مما يبعد عنها ذهن عامة العرف فدعوى وضع هذه الأعلام للإشارة إلى هذه الدقيقة الغير الملتفت إليها عند من
[1] الكفاية : ص 283 . [2] نهاية الدراية : ج 2 ص 216 .