ففيه : أولا : أنه مبني على كون العام المبتلى بالمزاحم الأقوى مخصصا به ، والحق أن التكاليف قوانين لا بأس بانحفاظها على ما كانت عليه من الفعلية حينئذ أيضا ، غاية الأمر أن العبد معذور في الخلاف إذا علم بالمزاحمة أو كانت مزاحمة واقعا أيضا ، فإذا احتمل المزاحم الأقوى فالعام شامل للمورد بلا اشكال ، والشك إنما هو في قيام العذر ، وهو عند العقل لا يكون عذرا . وثانيا : أن الملاكات ليس موضوعا للأحكام ، وموضوع المخصص الموجب لتقييد موضوع العام وقصر حجيته هو دائما من قبيل عناوين الأفعال ، والملاك في جعل الاحكام ملاك ومنشأ دائما لجعلها على موضوعاتها ، فما أفاده إنما يصح فيما احتمل طرو عنوان ثبت أقوائية ملاكه ، واما فيما لم يثبت ذلك فتقييد موضوع العام به مشكوك ، وأصالة العموم حجة على عدمه . ومما ذكرنا يظهر النظر فيما في تقريرات المحقق النائيني ( قدس سره ) : من أنه إذا كان احراز وجود المخصص في أفراد العموم من وظيفة المتكلم بحيث لا يصح له القاء العموم إلا بعد احراز عدم وجود المخصص ، فهنا يكون العموم حجة في المشتبه ، وأما إذا لم يكن من وظيفته كالفاسق - مثلا - فلا يكون حجة فيه . فان فيه مالا يخفى . إذ بعد ما صححنا للمولى المقنن القاء العموم ضربا للقاعدة ، فليس لنا مورد لا يصح للمولى القاء العام إلا بعد احراز عدم وجود المخصص . نعم ، إلقاء العام حجة على عدم وجوده ما لم ينكشف الخلاف ، ومعه يتقيد موضوعة بعدم المخصص ، ولازمه عدم حجيته في المشكوك . وبالجملة : فليس مفاد كل عام إلا ثبوت الحكم على أفراده ، ومن ثبوته عليها ينكشف عدم وجود المخصص ، وهو محفوظ ما لم يعلم أو يصرح بخلافه ، وليس له دلالتان : إحداهما ثبوت الحكم على الأفراد ، والثانية - في عرض الأولى - أن المتكلم أحرز وحكم بأن جميع الأفراد من الجيران - مثلا - ليسوا أعداء ، بل هو من توابع الأولى فإذا تخصص موضوع العام ، فكما يشك في ثبوت حكمه ، كذلك