في انطباق موضوع العام بما هو حجة عليه ، فلا يكون حجة على جريان حكمه عليه . فما في نهاية الدراية [1] - وهو توضيح لما في تقريرات الشيخ الأعظم ( قدس سره ) - من أن العام يدل على انتفاء وجود العنوان المنافي في جميع أفراده ، إنما يصح فيما إذا احتمل ملازمة جميع أفراده لانتفاء المنافي ، وأما في محل البحث من تخصيص موضوعه الذي لا يكون إلا إذا وجد المنافي بين أفراده ، بداهة لغوية التخصيص وتقييد العنوان في صورة الملازمة ، فالعنوان المتحصل عبارة عن عنوان العام مقيدا بعدم عنوان المخصص ، وهو مشكوك الانطباق في هذا الفرد . كما أن ما في تقريرات بعض أعاظم الأساتذة ( قدس سره ) [2] من أنه يمكن أن يكون أهمية حكم العام بمثابة لا يرضى المولى بترك امتثاله في ما يحتمل المخصص عليه ، وحينئذ فهو اعتمد في تخصيص العام على الحكم العقلي الثابت في الموارد الشخصية ، لعلمه بانطباق كبرى المخصص عليه ، لفرض علمه بالمصداق ، فالعام حجة حينئذ في موارد الشك بخلاف المخصص اللفظي إذ بعد ورود التخصيص اللفظي يختص حجية العموم بغير موضوع المخصص واقعا . ممنوع إذ هو أيضا خروج عن محل البحث ، إذ مورد البحث ما إذا كان العنوان الواقعي محكوما بحكم مخالف للعام ، وحينئذ يكون حكم العقل أيضا موجبا لقصر حجية العام على ما بقى تحته واقعا ، ومعه فلا يمكن اعتماده على حكم العقل في الموارد الشخصية ، كما لا يخفى . وأما ما ذكره بعض علماء العصر " دامت بركاته " : من أنه لو لم يجز التمسك به في اللبيات لم يبق لنا عام جائز العمل ، فإن كل عام مخصوص عقلا بما إذا لم يزاحم ملاك حكمه بملاك أقوى واقعا ، ولا حكم من الأحكام الشرعية إلا ويحتمل فيه عروض ملاك أقوى ، يرفع به الحكم التابع للملاك الأول فافهم " انتهى " .
[1] نهاية الدراية : ج 2 ص 188 ، ط المطبعة العلمية . [2] نهاية الأصول : ص 334 ط القدس .