مراده ( قدس سره ) ، إذ هو ( قدس سره ) يرى أن تعدد حقيقة البعث لا ينفك عن تعدد الوجوب [1] . ففيه أولا : أن تعدد الوجوب والطلب بالنسبة لطبيعة واحدة غير معقول عند العقلاء ، وخلاف الوجدان والارتكاز . وثانيا : أن العقل الحاكم في باب الامتثال إنما يحكم بلزوم أن يأتي العبد ويقدم إلى المولى ما طلبه منه فقط ، فإذا طلب منه نفس الطبيعة الصادقة على فرد واحد ، فلا يوجب على العبد ولا يلزمه إلا بإتيان نفس الطبيعة فقط ، إذ المفروض أنها هي التي طلبها منه ، سواء كان الطلب المتعلق به واحدا أم متعددا . ومن أحسن البيانات لقول المشهور ما في بحث نية الوضوء من مصباح الفقيه ، وقد نقله بمعناه في نهاية الدراية ، وبين ما يرد عليه فراجعهما [2] . فالبيان الصحيح لمذهب المشهور إنما هو الاستناد إلى العرف ، وأنهم يقدمون أصالة ظهور الشرطية في حدوث الجزاء بكل شرط على أصالة اطلاق المادة في الجزاء ، ولا يرد عليه سوى ما عرفت . وربما يورد عليه تارة [3] بأن غاية التقديم أن الوجوب في كل شرط تعلق بغير ما تعلق به في الآخر ، وهو إنما يقتضي تعدد العنوانين المأمور بهما ، وأما أنهما ينطبقان على واحد أم لا فلا دليل عليه . وفيه : أنه لا ريب في أنه إذا انفرد كل شرط فالمفهوم من الشرطية عرفا وجوب مصداق واحد من طبيعة الجزاء أي مصداق كان ، فإذا فرض ثبوت هذا الاقتضاء لها في صورتي التقارن أو التأخر أيضا ، فلا شك أنه لا يتغير مفهومها حينئذ عما كان مفهوما لها عند الانفراد ، فلا محالة بكون الواجب بكل شرط مصداقا واحدا غير ما وجب بالآخر .
[1] نهاية الدراية : ج 2 ص 168 ، ط المطبعة العلمية . [2] مصباح الفقيه : كتاب الطهارة ص 126 ، نهاية الدراية : ج 2 ص 169 - 170 ، المطبعة العلمية . [3] هذا الإيراد منقول عن تهذيب الأصول تقرير بحث الأستاذ الأعظم - مد ظله - وقد نقلته في تقريري لبحثه - مد ظله - . ( منه عفى عنه ) .