النهي على الفساد في المعاملات ، مع انكار قائله الملازمة بين الحرمة والفساد فيها ، ولم يكن له حينئذ وجه إلا دعوى دلالة النهي عليه دلالة التزامية ، فلذلك يصح عدها من مباحث الألفاظ . أقول : والظاهر أن هذا القائل هو صاحب الفصول ( قدس سره ) [1] فإنه اختار دلالته على الفساد في العبادات عقلا وعرفا ولغة ، وفي المعاملات بالدلالة الالتزامية عرفا فقط ، وصرح بما لفظه : لو ثبت التحريم بدليل غير لفظي كالإجماع والعقل لم يحكم بالفساد [2] " انتهى " وبين ( قدس سره ) كيفية هذه الدلالة بنحو لا مجال للإيراد عليه ، بأن حقيقة الدلالة الإلتزامية هو الانتقال من معنى إلى ما يلزمه لزوما بينا ، فلا بد فيها مضافا إلى الملازمة كونها بينة ، وبعد انكار الملازمة فلا مساغ لدعوى الدلالة الإلتزامية ، فراجع . ثم إنه ينبغي أن يكون النزاع في أصل الاقتضاء وعدمه ، من غير نظر إلى خصوص دليل لفظي أو غيره - كما مر نظيره في بحث مقدمة الواجب - ، والمراجعة إلى استدلالات الطرفين يشهد على أنه وقع كذلك ، فربما يستدلون بدلالة اللفظ ، وأخرى بحكم العقل ، وثالثة بملازمات عقلية ، وحينئذ فيكون المسألة أعم من هذه الجهات ، ويبحث فيها عن ثبوت الملازمة بين الحرمة والفساد ، لكي يستنتج منها فساد الشئ إذا كان متعلقا للحرمة . ومنه تعرف كونها أصولية فتدبر جيدا . الثالث : ظاهر لفظ النهي الواقع في عنوان النزاع يعم كل نهي ، سواء كان تنزيهيا أو تحريميا ، نفسيا أو غيريا ، ولا ينافي ذلك انفهام خصوص التحريمي النفسي من إطلاق الزجر بهيأة لا تفعل أو مادة النهي ، وذلك أن لفظ النهي كسائر المطلقات إنما وضع لطبيعة المنع الصادق في جميع هذه الأقسام ، وانفهام
[1] وقد حكي أن سيدنا الأستاذ المحقق اليزدي - طاب ثراه - لما فهم من الكفاية أن هذا القائل يقول بالبطلان في خصوص المعاملات أورد عليه : بأنا لم نعثر على قائله بعد التتبع التام ( منه عفي عنه ) . [2] الفصول الغروية : ص 141 س 27 .