تعاريفهم تعاريف لغوية لا بيان وشرح للماهية خلاف ظاهر كلماتهم ، فما في الكفاية مرارا محل إشكال بل منع ، كما أن تعبيره - ولو بقرينة ما أفاده في أول بحث العام والخاص - خلاف الاصطلاح ، كما بينه المحقق صاحب نهاية الدراية ، فراجع [1] . ثم إنه لا ريب في أن الأحكام الشرعية متعلقها - أعني المكلفين - وموضوعاتها أمور كلية تتوقف فعلية هذه الأحكام على وجود صغريات وأفراد لهذه الكليات وانطباقها عليها ، لكن هذا التوقف لا يمنع عن الجعل القانوني الكلي على هذه العناوين الكلية قبل وجود أفراد لها ، فالشارع يجعل حكم وجوب الصلاة أو حرمة الخمر على من بلغ حد التكليف ، من غير توقف لجعله هذا على بلوغ المكلف حده ، ولا على وجود الخمر حين جعل القانون ، إلا أنه قد يوقف وينيط جعله لهذا القانون الكلي الغير المتوقف من الجهتين : ينيطه بوجود شرط ، وتحقق أمر في الخارج ، والظاهر أن هذا القسم الثاني هو الواجب المشروط ، وذلك الأول هو الواجب المطلق ، وعليه فلا غرو في دعوى أن لنا واجبات مطلقة [2] من جميع الجهات وبنحو الحقيقة ، وإن كان هذا لا يمنع عن كون الإطلاق أو الاشتراط إضافيا أيضا . فالحاصل : أن الإطلاق كالحصر يمكن أن يكون حقيقيا ، ويمكن أن يكون إضافيا ، وهما محققان في التكاليف ، وإن كان الاشتراط الحقيقي الذي معناه الاشتراط بكل أمر غير موجود فيها ، وعليه فما في الكفاية [3] من كون الإطلاق
[1] نهاية الدراية : ج 1 ص 286 . ط . المطبعة العلمية . [2] هذا إنما يتم إن أريد بالمطلق ما لم يعلق على شرط في ظاهر دليله ولسانه ، وإلا فلا ينبغي الريب في عدم تحقق الوجوب ما لم يتحقق عنوان المكلف كما يظهر للمتدبر وهكذا قد تؤخذ في متعلق موضوع الأحكام أمور تتوقف فعليتها على وجودها ، كما إذا قال : " أكرم الرجال العلماء " فلا وجوب فعلي لإكرام زيد - مثلا - قبل أن يصير عالما ، فالواجب المشروط قسمان وإن كان يوهم ظاهر بعض كلماتهم انحصاره في خصوص المعلق على شرط . ( منه عفي عنه ) . [3] الكفاية : ص 121 .