على امتناع الشرط المتقدم والمتأخر في التكوينيات فضلا عن الأمور الاعتبارية [1] . وأنت تعلم أن توقف أمر يوجد الآن في وجوده على ما لم يتحقق بعد من أوضح الممتنعات ، حتى في المعدات ، فضلا عن الشرائط التي يراد بها ما يكون بوجودها متمما لفاعلية الفاعل أو قابلية المحل ، ولذلك أيضا يحكم العقل بلزوم تقارنها وعدم جواز تقدمها أيضا . ثم إنه ( قدس سره ) أجاب عن الإشكال بوجه ثان ، وهو : أن الشرط المتأخر إذا كان شرطا للحكم ، فهو في الحقيقة شرط لحكم العقل بالإمكان على موضوع عقلي ، إذ العقل يحكم بأن تكليف المكلف ممكن إذا كان مميزا قادرا حين العمل ، فالقدرة حين العمل - مثلا - شرط اتصاف التكليف بالإمكان في هذه القضية العقلية ، لا شرط وجود التكليف في الخارج ، فلا محذور فيه ، وإذا كان شرطا للمكلف به فهو : إما يوجب حصول قيد في المكلف به من دون توقف لأصل عنوانه عليه ، وإما يكون دخيلا في انتزاع عنوان بسيط عنه . ففي القسم الأول حيث إن وجود المكلف به لا يتوقف عليه وإنما المتوقف تقيده فلا محذور فيه ، إذ هو كما يتقيد بالمقارن يتقيد من ناحية المتقدم والمتأخر أيضا ، وهكذا القسم الثاني ، إذ وجود ذات المكلف به لا يشترط بشرط ، وإنما المشروط انتزاع عنوان عنه ، ودخالة أمر متأخر فيه مما لا إشكال فيه ، كما في انتزاع عنوان الاستقبال عن مشي الماشي لاستقبال المسافر فإن قدومه المتأخر دخيل فيه ، ولا محذور [2] . انتهى ملخصا . وفيه ما لا ينبغي أن يخفى : أما ما أفاده في شرائط الحكم ففيه : أنه إذا كان إمكان شئ ولو وقوعا مشروطا بأمر متأخر فلا محالة يكون وجوده متوقفا على تحقق هذا المتأخر ، وهو ما يفر عنه . مضافا إلى ما أفاده العلامة المقرر [3] لبحثه : من أن هذا إنما يتم في الشرائط العقلية دون الشرائط الشرعية المتأخرة .
[1] نهاية الأصول : ج 1 ص 163 . الطبعة الثانية . [2] نهاية الأصول : ج 1 ص 164 - 166 ، الطبعة الثانية . [3] المصدر السابق : ذيل ص 165 .