تعليقه على النجس الواقعي يقتضي نجاسة ملاقيه والمغسول به ، غاية الأمر أنها أيضا نجاسة واقعية كنجاسة نفس المشكوك . فالمغسول به أو ملاقيه مثله طاهر في زمان الشك حتى يعلم أنه قذر ، وهكذا الغسل والوضوء فإن ظواهر الأدلة أنهما أيضا تنظيف وتطهير ، فحكمهما أيضا حكم المشكوك نفسه . نعم ، إن قلنا بأنهما ليسا من هذا الوادي كان حكمهما حكم الشرطية ، مقتضى القاعدة صحتهما واقعا ، إلا أن يقوم الإجماع أو دليل آخر على الخلاف . وهذا الذي استظهرناه من عبارة القاعدة لا يختص بها ، بل يجري في أمثالها مما حكم فيه على المشكوك بحكم أحد الاحتمالين حتى ينكشف الواقع ، مثل قوله ( عليه السلام ) : " كل شئ هو لك حلال حتى تعرف أنه حرام بعينه " [1] ، فحليب الحيوان المشكوك الحلية والحرمة وثمنه يحكم بحرمته إذا قام الدليل على حرمته ، وهكذا الأمر في مثل قوله ( عليه السلام ) : " الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالعبودية " [2] ، إلى غير ذلك . وقد يجاب عنه [3] : بأن اعتبار الطهارة والنجاسة واقعا من الاعتبارات التي ينافي وجودها الواقعي اعتبار خلافها في ظرف الجهل بها ، فإن فعليتها بنفس وجودها الواقعي ، فالتعبد بالطهارة ولو كان مطلقا تعبد بأحكامها غير المنافية لاعتبار نجاسة ذلك الشئ واقعا . وفيه : أنه وإن سلمنا أن الطهارة من هذه الاعتبارات ، إلا أنا لا ندعي جعل الطهارة لذلك الشئ المشكوك نفسه ، بل هو - كما عرفت من ظاهر العبارة - على ما كان عليه من النجاسة ، وإنما ندعي محكوميته في ظرف الشك بجميع أحكام الطاهر الواقعي التي منها طهارة المغسول به واقعا ، ويكفي في صحة هذا الجعل
[1] وسائل الشيعة : ب 4 من أبواب ما يكتسب به ح 4 ج 12 ص 60 . [2] وسائل الشيعة : ب 29 من أبواب العتق ح 1 ج 16 ص 33 . [3] كما عن بعض أعاظم المحققين : في كتابه " الأصول على النهج الحديث " ص 127 - 128 .