لوضوح أنّ البحث إنّما هو عن الهيئة ، من جهة أنها موضوعة لخصوص الذات المتلبّسة أو للأعم منها ومن التي انقضى عنها التلبّس ، كما في مثل « العالم » و « القائم » ونحوهما ، وأمّا في المثال المذكور ونحوه من العناوين الذاتيّة ، فليس وراء الإنسانية أو الكلبيّة شيء حتى يبحث عنها ، نعم ، تبقى الهيولى ، وليست بذات . . . فالذّات قد زالت ، وما بقي شيء لكي يبحث عن التلبّس والإنقضاء فيه [1] . فموضوع البحث كلّ لفظ توفّر فيه أمران : 1 - القابليّة للحمل على الذات . 2 - الواجديّة للتلبّس والإنقضاء [2] . فلا كلّ مشتق بداخل في البحث ، ولا كلّ جامد بخارج عن البحث . هذا تحرير محلّ النّزاع .
[1] فما في كلام البعض من أنّ هذا البحث لغويّ ، ولا مجال فيه لمثل هذا الإستدلال العقلي ، وأن من الجائز طرح البحث في مورد ليس التبدّل فيه من قبيل تبدّل الذات ، كالخمر إذا انقلب خلاًّ ، بأن يبحث هل هذا خمر أو لا ؟ غير وارد . لأنّ البحث وإنْ كان لغويّاً ، إلاّ أنه يدور حول المفهوم الموضوع له اللّفظ ، ومن حيث أنه هو الحصّة الخاصّة من الذات أو مطلق الذات ، فالمورد الذي لا توجد الذات خارج عن البحث موضوعاً ، سواء كانت حقيقة الشيء بصورته أو بمادّته . وأمّا الجواب عن النقض بمثل الخلّ والخمر ، فإنهما وإنْ كان شيئاً واحداً عقلا ، إلاّ أن الخمر والخلّ من الحيثية النوعيّة أمران متغايران . [2] بالنظر إلى الهيئة لا المادّة ، بأنْ تكون الهيئة قابلةً لأن يبحث عن أنها موضوعة لخصوص المتلبّس أو للأعم ، كهيئة « فاعل » و « مفعول » و « مفعَل » وإنْ كانت الهيئة في مادّة ليس لها انقضاء مثل « الناطق » حيث المادة هنا نفس الذات ، فلا يخرج مثله عن النزاع ، خلافاً للمحقق النائيني ، كما لم يخرج هيئة « مفعل » ، خلافاً لصاحب الفصول . وعلى الجملة ، فمورد البحث هو الهيئة مطلقاً ، سواء كانت المادّة المشتملة عليها من قبيل « القائم » أو من قبيل « الناطق » .