responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 43


كما لا يخفى للمتأمل فإن قلت فائدته عدم الوقوع في محذور التجوز مثل كلفة ذكر القرينة ونحوها ومحذور الوضع أيضا لأنّ هذا الاشتراط من الواضع يجعل اللَّفظ ظاهرا في المعنى الجزئي كظهور اللَّفظ في المعنى الحقيقي من غير حاجة إلى تكلَّف القرينة كما نصّ عليه المحقق المقدّم في طي كلماته ففائدته هي فائدة وضع الألفاظ قلنا تلك المعاني الجزئية لا تنفكّ عن القرائن المعيّنة وهي من لوازم وجودها كيف والجزئي لا يكون جزئيا إلَّا بالمشخصات فلو كان الواضع قد أهمل الاشتراط المزبور واكتفي بترخيصه الكلَّي في التجوز لم يلزم رعيته أزيد ممّا يلزمهم على تقدير الاستعمال عن شرط الواضع وأمّا ثانيا فلأنّ هذا الاشتراط أمر غير معلوم ونصّ الواضع عليه أمر غير ثابت فينفي بالأصل لا يقال أصالة عدم الوضع تعارضه لأنّ الأمر دائر بين الاشتراط المزبور وبين الوضع للجزئيات لأنا نقول لا إشكال ولا خلاف في ثبوت وضع في الجملة وإنّما الإشكال في تعيين الموضوع له ويترتب على الأصل المذكور بطلان القول المزبور أيضا لأنّه لا ينفكّ عن هذا الاشتراط عند الجماعة لا يقال القدر المسلم إنّما هو وضع واحد لا الأوضاع المتعدّدة لتعدّد المعاني الجزئية فأصالة عدمها تعارضه بل تقدّم عليه لأنّا نقول الوضع الواحد المنحل إلى الأوضاع المتعددة حادث واحد وليس بحوادث متعدّدة والحاصل أنّ الوضع لمعنى عامّ أو لجزئياته بجعله آلة لملاحظتها في مرتبة واحدة من حيث التعدّد والاتّحاد وأصالة عدم الوضع في كلّ منهما معارض بالأصل في جانب الآخر نعم على التّقدير الثّاني فالوضع سبب لحصول أوضاع متعدّدة للفظ واحد لكن الأصل في المسبّب لا يجري مع جريانه في السّبب كما تقرّر في محلَّه إلَّا أن يقال أن الأصل السّببي في المقام مبتلى بالمعارض فيلاحظ جريان الأصل حينئذ في المسبّب فإن قلت يعلم الاشتراط من محافظة أهل العرف لدوام الاستعمال في الجزئيات وعدم الاستعمال في المعنى العام رأسا والتزامهم بذلك قلت الالتزام أعمّ من أن يكون مستندا إلى الوضع والاشتراط والعام لا يدل على الخاصّ نعم لو ثبت الوضع للمفاهيم الكلَّية أمكن إثبات شرط الاستعمال في الجزئيات من محافظة أهل اللَّسان فهذا الكلام له وجه بعد تمامية ما يأتي من الأدلَّة فقد تحقّق أنّ القول المذكور أعني القول بوضعها لذلك المعنى العام مشروطا بعدم استعمالها إلَّا في الجزئيات كلام ظاهريّ لا ينبغي صدوره من المحققين وقد يبنى صحّة القول المزبور على جواز المجاز بلا حقيقة مثل الرحمن والأفعال المنسلخة عن الزّمان فإنّ استعمال هذه الألفاظ في الجزئيات وإن لم يكن على وجه التجوّز على ما يدّعيه بعض كما سيجيء لكن المصحح للمجاز بلا حقيقة يصحّح كون الموضوع له هي المعاني الكلية مع عدم استعماله الألفاظ المذكورة فيها وفيه مضافا إلى ابتنائه على أصل نظر وشاذ أنه إنما يتم لو كان المراد بالمجاز بلا حقيقة المجاز بلا حقيقة سابقة ولاحقة وأمّا إذا كان المراد المجاز بلا حقيقة سابقة فجوازه لا يستلزم صحّة هذا القول كما لا يخفى لأنّه يستلزم مجازا لم يسبقه حقيقة ولا يلحقه أيضا مع أنّ المجاز بلا حقيقة ولو وصل إلى درجة النقل كما هو المقصود في المقام يجوز استعماله في المعنى الموضوع له مجازا وليس الحال كذلك فيما نحن فيه والَّذي يمكن أن يقال في رفع الإشكال على القول المزبور هو أنّ تلك المعاني الكلية الملحوظة آلة لتعرف جزئياتها إما معاني إنشائية غير قابلة لاستعمال اللَّفظ فيها مع محافظة ما يعتبر فيها من حقيقة الإنشاء سواء كانت هي بأنفسها موضوعا لها أو كان الموضوع لها جزئياتها أو متضمّنة للإنشاء بيانه أنّ المعاني على قسمين أحدهما ما ليس حاصلا من فعل المتكلَّم ولا داخلا تحت أفعاله بحيث يكون موجده ومخترعه هو المتكلَّم وذلك كالماهيات الكلَّية أو الجزئية الَّتي تحكي عنها الألفاظ والثاني ما كان حاصلا من فعله وداخلا تحت أفعاله الاختيارية نظير سائر أفعاله القائمة بجوارحه مثل الحركة والسّكون والأكل والشّرب ونحوهما فكما أن للإنسان أفعال اختياريّة يوجدها بجوارحه كذلك له أفعال اختيارية يوجدها بقلبه ونفسه النّاطقة وهذا معنى ما يقال في معنى النّية إنّها فعل تفعل بالقلب وهذه مثل الطَّلب ونحوه من المعاني الإنشائية فإنّها حقيقة أفعال للمنشئ يصدر منه حين صدور اللَّفظ والمضايقة عن كون الطَّلب من مقولة الفعل لأنّه عين الإرادة الَّتي هي عبارة عند المحققين عن التّصديق والإذعان بالنفع والمصلحة لا يضرّ بما نحن بصدده وكما يجب في الحكمة وضع اللَّفظ بإزاء الطَّائفة الأولى كذلك يجب بإزاء الطَّائفة الثّانية لأنّ التعبير عنها أيضا من أشدّ حوائج الإنسان كالتعبير عن الطَّائفة الأولى من غير فرق لكن التعبيرين مختلفان من حيث الكيفيّة لأن التّعبير عن الأولى باللَّفظ عبارة عن تصوّرها وإحضارها في الذّهن عند صدور اللَّفظ وعن الثانية عبارة عن إيجادها وخلقتها واختراعها عنده ومن الواضح أنّ الإيجاد والاختراع لا يتعقلان على كلَّيتهما وعمومهما فمتى كان اللَّفظ موضوعا بإزاء شيء من المعاني الإنشائية امتنع استعمالها في نفس ذلك المعنى الإنشائي على عمومه بل لا بدّ من استعماله في جزئي من جزئيّاته تحقيقا لحقيقة الاستعمال لأنّ الاستعمال في المعنى الإنشائي عبارة عن إيجاده عند التلفظ باللَّفظ الموضوع بإزائه وإيجاد المعنى على كليته بمعنى كون ذلك الموجود كلَّيا أمر مستحيل لأنّ الكلَّية ممّا لا تتصف بها المعاني الموجودة بالبداهة فعدم استعماله صيغة افعل في الطَّلب الكلَّي الَّذي هو آلة لملاحظة أفراده الخارجيّة ليس لأجل رجوعه إلى شرط وضعي على القول بكونه الموضوع له بل لعدم قابليته للاستعمال بالمعنى الَّذي عرفت معناه واستوضح الحال من التأمل في مفهوم الطَّلب وحقيقته وإيجاده فإنّ مفهوم الطَّلب ليس معنى إنشائيا غير قابل للاستعمال على كلَّيته ولذا يستعمل فيه اللَّفظ الَّذي وضع بإزائه من غير اعتباره

43

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست