responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 42


بملاحظة الكلَّي كما يزعم هؤلاء حتّى يكون الوضع عامّا لخاصّ بمكان من البعد عن طرائق الوضع إنّما يعرف الناس في الوضع التعييني وأقصى ما علم من ذلك أنّها لا تستعمل إلَّا في الجزئيات وذلك كما يحتمل أن يكون الوضع لها ابتداء على ما يقول هؤلاء كذلك يحتمل أن يكون للقدر المشترك بينهما وخصّ بها لداع كما يقول الباقون بل الظَّاهر ذلك فإنّ المشتبه يلحق بالأعمّ الأغلب مع أنّ أئمة اللَّغة والعربيّة لا يعرفون سواه وهو قولهم أنا للمتكلَّم وحده ومن الابتداء ولذلك لم يعدّوه في متكثر المعنى فكيف يدعى مع قيام هذا الاحتمال بل ظهوره أنّها موضوعة للجزئيات وهل هذا إلَّا ترجّم على الواضع وكيف يثبت الوضع بمجرّد الاحتمال بل ظهوره وإنّما طريقه النقل وما يوجب العلم انتهى ما أردنا نقله من كلامه زاد اللَّه في إكرامه وإنما لم نقتصر على بعضه لاشتماله على مجموع ما استدلّ به للقول الثاني وزائد مع ما به من البيانات الَّتي لا يليق بأحد من أرباب هذا القول سواه ولنقدم على ذكر حجج القولين مقدّمات مشتملة على توضيح مقالة الفريقين وبعض ما يتفرع عليهما ليكون الدخول على بصيرة الأولى أنّ ظاهر الفريقين الاتفاق على أنّ هذه الألفاظ دائمة الاستعمال في جزئيات ذلك المعنى العام الملحوظ في حال الوضع فلا يجوز استعمالها في ذلك المعنى العام أبدا وهذا على القول الأوّل لا إشكال فيه لأنّ المعنى إذا لم يكن هو الموضوع له توقف الاستعمال فيه مجازا على الرّخصة الشّخصية والنوعيّة الَّتي علم شمولها له ومن هنا لم يطرد التجوز في كلّ لفظ بالنّسبة إلى كلّ معنى مجازيّ وأمّا على القول الثّاني ففيه إشكال لأنّ استعمال اللَّفظ في المعنى الموضوع له لا يتوقف على رخصة الواضع لأنّ الواضع وظيفته إحداث العلقة الجعلية بين اللَّفظ والمعنى وبعد حصول العلاقة الوضعيّة يكون اللَّفظ كالعلاقة العقلية في الكشف عن المعنى قهرا وقضية ذلك جواز التعبير به عنه جدّا وقد يوجه ذلك بما ذكره المحقق المتقدّم ونسبه المحقق الشّريف إلى أرباب هذا القول من أنّ عدم الاستعمال إنما جاء من منع الواضع حين الوضع حيث اشترط في وضع الألفاظ المذكورة للمعاني المزبورة الكلية أن لا تستعمل إلا في جزئياتها وخصوصيّاتها الخارجية ومرجع ذلك إلى أن منع الواضع عن الاستعمال في نفس الموضوع له مانع لا أنّ الرخصة شرط حتى يرد ما تقدّم من أن الاستعمال في المعنى الموضوع له ليس بأمر توقيفي مراعى برخصة الواضع في الاستعمال وإلَّا انسد باب التكلَّم بالألفاظ الموضوعة خصوصا الألفاظ العربيّة الَّتي لم يتعارف استعمالها في العرف لعدم العلم برخصة الواضع في الاستعمال في شيء منها وإنّما المعلوم أو المظنون نفس الوضع فإن قلت إذا كان منع الواضع مانعا كان الرّخصة شرطا لأنّ المراد بالمنع ليس هو المنع الصّوري بل عدم الرّضا الواقعي فإذا كان عدم الرّضا مؤثرا في منع الاستعمال كان نقيضه وهو الرضا والإذن شرطا فيعود المحذور قلت نعم لكن إذا لم يمنع الواضع فالإذن النوعي معلوم من شاهد حال الوضاع فيستكشف الشّرط وهو الرّخصة حينئذ من شاهد الحال نوعا وهذا مثل عدم توقف التصرف فيما يكون هناك شاهد حال على الإذن مع عدم الجواز في صورة النّهي فتأمّل فإن العلم بالرخصة والوضع معا يحصلان من تحاور أهل اللَّسان لا يقال إذا كان منع الواضع مؤثرا في الاستعمال فلا بدّ من إحراز عدم المنع في جواز الاستعمال ولو بالأصل مع أنّ العلم بالوضع كاف في العرف في جوازه من غير الالتفات إلى منع الواضع فضلا عن إحراز عدمه لأنا نقول يكفي في إحراز عدمه عدم العلم به أو الأصل المركوز في أذهان العقلاء العمل به من حيث لا يشعر والحاصل أن ما التزم به الفريقان من دوام استعمالها في الجزئيات وعدم استعمالها في المعاني الكلية لا ينافي القول بوضعها لنفس تلك المعاني الكلية لأنّ الوضع شيء والاستعمال شيء آخر ولا ملازمة بين موردهما في فعل الواضع وجعله فكما أنّ ترخيص الواضع استعمال اللَّفظ في المعنى المجازي مشروط عند الواضع بنصب القرينة لئلا يلزم فوت غرض التّرخيص واستعمال الألفاظ اللَّازمة الإضافة في معانيها الحقيقية بذكر متعلَّقاتها محافظة لخروج الكلام عن حدّ الإفادة الَّتي هو الغرض من وضعها كذلك وضع هذه الألفاظ لمعانيها الكلية مقرون بشرط عدم استعمالها إلَّا في جزئياتها إذ لا فرق بين تعيين اللَّفظ للاستعمال وبين تعيينه للمعنى فإذا جاز الاشتراط في الأوّل جاز في الثاني هذه غاية ما يحسن في توجيه الاشتراط المزبور على القول بوضعها للمعنى العام وهو بعد كلام خال عن التحصيل أما أولا فلأنّ هذا الاشتراط لا يتصوّر له فائدة بخلاف اشتراط القرينة في الدّلالة على المعنى المجازي لتوقف الدلالة عليها وكذا اشتراط ذكر المضاف إليه في الأسماء اللَّازمة للإضافة فإنّه ممّا يتوقف عليه كون الكلام مفيدا مع أن ادّعاء اشتراط الواضع نصب القرينة في المجاز وذكر المتعلَّق والمضاف إليه في الأسماء اللَّازمة الإضافة مجازفة إذ الظاهر أنّهما ثبتا من مساس حاجة المتجوّز والمتكلَّم بتلك الأسماء إليها ضرورة أنّ الإخلال بها نقض لغرض المتكلَّم لا لغرض الوضع فإن قلت فائدته اختيار أخصر الطَّريقين في جعل الكاشف والمعبّر عن المعاني الجزئية إذ لولاه لوقع في طريق آخر أطول وهو تعدّد الوضع قلنا أوّلا إن انفتاح باب المجاز في الألفاظ يوجب انسداد بابهما في ترخيص الواضع في أصل المجاز غنى وكفاية عن اختيار أحد الطَّريقين وثانيا أن تعدّد الوضع على نحو الإجمال ليس بأطول من الاشتراط المزبور فاشتراط الاستعمال في الجزئيات بمنزلة الوضع لها وكلّ منهما قائم بغرض الواضع أعني جعل الكاشف من غير تفاوت في الاختصار والإطالة وثالثا أنّ الكلام في إبداء الفائدة لهذا الاشتراط من حيث تضمّنه لمنع الاستعمال في المعنى الموضوع له العام لا من حيث اشتماله على جعل الكاشف للجزئيات وما ذكر لو تمّ فإنما يصلح فائدة له من الحيثية الأخيرة دون الأولى

42

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست