< فهرس الموضوعات > الكلام في بيان الأقوال في المسألة بالنظر إلى الضد الخاص < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > الكلام في ثمرات المسألة < / فهرس الموضوعات > الآخر الَّذي يزعمونه من سنخ الإنشاء بديهي الانتفاء في مدلول الأمر فأين النّهي الَّذي هو من سنخ الطَّلب وإن أرادوا أنّ الأمر بالشّيء يدل على عدم الرّضا بالترك الذي هو مناط النّهي فالحقّ مع المثبتين لكن على وجه الالتزام دون التضمّن لوضوح كون مدلوله هو الطَّلب الحتمي المؤكد وهو أمر بسيط له جزءان جنس وفصل فعدم الرضا بالترك يستفاد من تحتم الطَّلب وتأكده ثم الظَّاهر أنّه لزوم بين لا يحتاج إلى تعقّل أمر زائد عن مطلوبيّة الفعل والأمر فيه سهل ثمّ إن تقسيم الدّلالة الالتزاميّة إلى اللَّفظية والمعنويّة ممّا لا وجه له إذ قد عرفت سابقا أنّه لا فرق بين أقسام الالتزامات في مدخليّة كلّ من الوضع واللَّفظ والعقل فيها فتسمية بعضها لفظية وبعضها عقلية أو معنوية من غير فرق معنويّ ممّا لا وجه له وإن كان هذا مجرّد اصطلاح فلا مشاحة فيه وإن كان ثبوت هذا الاصطلاح غير واضح وأمّا الضّد الخاص فمقتضى ما يستفاد من عنوان المسألة والأقوال المذكورة في كلام كثير منهم والأدلَّة التي أقاموها لتحقيق الحال في المقال جريان جميع الأقوال المذكورة في الضدّ العام هنا أيضا سوى التضمّن إذ القول به عادم والوجه الَّذي يعتمد عليه معدوم ويزيد على تلك الأقوال هنا قولان آخران أحدهما ما حكي عن الشّيخ المحقق صاحب المقابيس من التفصيل بين ما إذا كان فعل الضدّ رافعا للتمكَّن عن الواجب إمّا عقلا كركوب السّفينة فرارا عن الغريم أو شرعا كالاشتغال بالصّلاة المانع عن أداء الشهادة أو أداء الدّين أو إزالة النجاسة بناء على حرمة قطعها في تلك الحال وبين ما إذا لم يكن كذلك كتلاوة القرآن المانعة عن أداء الشهادة فقال في الأوّل بالاقتضاء وفي الثاني بعدمه ثانيهما قول الشّيخ الفاضل البهائي وهو أنّ الأمر بالشيء يقتضي عدم الأمر بضدّه الخاصّ دون النّهي عنه فيبطل لمكان عدم الأمر ويأتي الكلام فيهما وفي دليلهما ردّا وقبولا المقدّمة الرابعة في ثمرات المسألة منها حصول العصيان وعدمه ومنها حصول الفسق وعدمه ومنها لزوم الإتمام في السّفر المفوت للواجب ومنها النّذر المتعلَّق بعدم المعصية وكلّ هذه قد ظهر فسادها في مسألة مقدّمة الواجب فلا نطيل بإعادتها والمهمّ هنا بيان الثمرة المعروفة الَّتي هي الغرض الباعث على تدوين هذه المسألة بل والمسألة السّابقة وهي بطلان العبادة الموسّعة في وقت الواجب المضيّق والظاهر أنّ هذه الثمرة كانت مسلَّمة عند الأصحاب كما يظهر من تتبع كلماتهم في الفقه لا سيّما مسألة تقديم القضاء على الأداء فإنّ عبائر الفريقين هناك ناطقة بصحّة هذه الثمرة وكأنّها مسلَّمة عندهم لأنّ القائلين بالبطلان كالقديمين والشّيخين والسّيدين والحلبيّين والقاضي والحلَّي ودلالي وجماعة من المتأخرين على ما حكي منهم فرّعوا بطلان الحاضرة على فورية الفائتة ولا يصحّ التفريع إلَّا على القول بالاقتضاء والقائلون بالصحة منعوا المبنى أي الفوريّة دون الاقتضاء أو بالعكس ولم يعهد منهم اختيار الصّحة مع تسليم المقدّمتين وأبواب الفقه مشحونة من هذه الثمرة كما لا يخفى على الخبير وأوضح ما في الباب قول من قال بصحّة الأداء قبل القضاء وفساد الصّلاة قبل وقت الإزالة وأظنّ منهم العلَّامة قدّس سره حيث قال في محكي دين القواعد بفساد الصّلاة مع المطالبة والحاصل أنّ ظاهر القوم فساد العبادة عند المزاحمة مع المضيق أو الأهمّ ومع ذلك كلَّه ذهب ثلاثة من أعيان الفقهاء والأصوليين إلى صحّتها منهم المحقّق والشّهيد الثانيان وهما أوّل من فتحا هذا الباب فيما عثرنا نقلا ومنهم سيّد محققي الحكماء وصاحب الوافية وشارحها السيد الصّدر وكاشف الغطاء وصاحب المناهج والقوانين والحاشية والجواهر والفصول وجملة من تأخر منهم شريف العلماء وغيرهم من حذاق الأصوليين إلَّا أنّ قول بعض هؤلاء بالصّحة مبني على عدم اقتضاء الأمر بالشيء النّهي عن ضدّه الخاصّ وهم الأكثر منهم صاحب المناهج فإنّه قال لا بدّ من ملاحظة النّسبة بين دليلي الواجبين المضيّق والموسّع فإن كانت بالعموم من وجه فالتخيير وإن كانت بالعموم والخصوص فالتخصيص ومثله المحكي عن شريف العلماء قدّس سره حيث سلك في المسألة مسلكا آخر وهو إعمال قاعدة التعارض وتقديم القطعي على الظَّني ونحوه وقد سبق كلامه مع تزييفه وهذان الفاضلان ليسا بمنكرين للثمرة في الحقيقة بل هما منكران للاقتضاء حيثما لا يقولان فيه بالصّحة وكذا المحقق الثّاني قدّس سره فقد صرّح في محكي جامع المقاصد بصحّة العبادة بناء منه على عدم الاقتضاء فيه وكذا المحقق الدّاماد وصاحب الوافية وشارحها فإنّهم أيضا منكرون للاقتضاء فهؤلاء إنّما صاروا إلى الصّحة لعدم ثبوت الثمرة أي الاقتضاء عندهم لا لفساد الثّمرة فانحصر إيراد الثمرة في كاشف الغطاء وتلاميذه وبعض أتباعهم فمع قولهم بالاقتضاء منعوا الثمرة وذهبوا إلى صحّة العبادة والباقون إنّما حكموا بالصّحة من طرف آخر منها منع الاقتضاء ومنها شيء آخر تقف عليه في تضاعف ما يأتي وكيف كان فالمتبع هو الدّليل فعلى كلّ من الفريقين إقامة البرهان لأن المسألة عقلية والمثبت والنافي فيها سواء واعلم أنّ قضية القول بالاقتضاء فساد العبادة الموسّعة في وقت الواجب الفوري سواء كان مضيقا مصطلحا أم لا وكذا فساد غير الأهم عند المزاحمة مع الأهم والقول بالصّحة لا يجامع ما اعترفوا بصحّتها من القواعد العقلية المسلَّمة ومخالف وخرق للأصول المثبتة المتلقاة بالقبول عند أساطين الفنّين أحدها ما تقرر عندهم من أنّ النّهي في العبادة يقتضي الفساد بخلاف المعاملة إمّا للتّنافي بين الرّجحان الباعث للأمر والمرجوحيّة الباعثة للنّهي أو لاستحالة تعلَّق الأمر والنّهي في شيء واحد في آن واحد وثانيها