الشرعيّة لكنها بعد المساعدة عليها مع أنّ للمنع فيها مجالا خصوصا بعد ملاحظة ما ورد في الآداب والسّنن من التعبير بالإخبار في مقام التنديب كقوله عليه السلام لا ينام المسلم وهو جنب إلا على طهور غير مفيدة لما عرفت من أنّ الغلبة إذا كانت ثابتة في نوع الكلام أو الكلمة كالعام لم تصلح لجعله منقولا أو مجازا راجحا إلا إذا كان بين أفراد ذلك النوع جهة جامعة لها مدخلية في الاستعمالات الغالبة بحيث يصلح أن يرجع الظَّهور الناشئ من الغلبة إليه كما في لاء النّافية للجنس على القول بظهورها في نفي الصّحة أو الكمال عند تعذر الحمل على الحقيقة فإنّ الظَّهور هنا راجع إلى كلمة لاء الَّتي هو قدر جامع بين التراكيب المستعملة في نفي الصّحة وليس بين الأخبار المستعملة في الإنشاء ما يصلح جامعا بينها كذلك سوى جنس الهيئة الخبريّة وهي مع كونها على أطوار مختلفة غير قابلة لاستناد الظهور إليها للقطع بأنّ المستعمل في الإنشاء ليس هو نفس الهيئة وإن كان له مدخلية أيضا في تفهيم المعنى الإنشاء أعني الطَّلب فليس في المقام لفظ يتمسّك بظهوره نوعا عند الشك في خصوصيّاته بل لا بدّ من المراجعة إلى ما في خصوصيّات التراكيب من قرائن الحال أو المقال هذا مع أنّ الاستعمال في الوجوب في الاستعمالات الواصلة كلَّها أو جلَّها محفوفة بالقرينة وقد بيّنا أن الاستعمال المقرون بالقرينة لا يوجب ظهور اللَّفظ في المعنى المستعمل فيه ولو بلغ ما بلغ فالتحقيق بعد عدم مساعدة مساق الكلام ولا غيره من القرائن على الوجوب وفاقا لجمع من الأعلام كالأردبيلي وصاحب المدارك والذخيرة والمجلسي والعلَّامة والمحقّق الثّاني على ما نقله بعض من وافقهم هو الاقتصار على القدر المشترك إذا كان عليه دليل أيضا وإلا فقد يكون للجملة الخبرية محامل أخرى خارجة عن الطَّلب أيضا كما لا يخفى على أهل الدّرية بالمحاورات ثم إنّ ظاهر الفريقين التسالم على استعمال الجملة في نفس الإنشاء ولعلّ هذا أيضا غير مطَّرد فإن استفادة الحبّ والبغض من الجملة الخبرية بعد تعذّر حملها على الإخبار كثيرا ما لا يتوقف على الالتزام بالتجوّز في الكلام كما يظهر بالتأمّل في الاستعمالات الدائرة ويمكن أن يجعل من هذا الباب قول القائل لمن يظلم أو يبخل مثلك لا يظلم أو لا يبخل إذا أراد حمله على العدل والإحسان الثالث أنّه قد أومأنا في غير موضع أن الأصل في الخطاب أن يكون للوجوب النّفسي العيني التعييني عن غير الاشتراط بشيء ونعني بهذا الأصل أصالة الإطلاق لأن فيما عدا الواجب المذكور شائبة التقييد أمّا الوجوب الغيري فلأنّ وجوبه معلَّل بوجوب غيره فيجري التعليل مجرى التقييد لأنّ متعلَّقات الفعل جميعا راجعة إلى تقييد النّسبة وربما يعول في ذلك على ظاهر الخطاب مضافا إلى إطلاقه ووجهه غير ظاهر إلَّا أن يدّعى أنّ الغالب في الأوامر أن يكون وجوبها لنفسها لا لغيرها وهي على فرض تسليمها في الخطابات الشرعية يشكل التعويل عليها في الأحكام الشرعية وربما استظهر من الشهيدين والمحقق وجماعة من المتأخرين الإشكال في هذا الأصل نظرا إلى كثرة استعمال الأمر في الوجوب الغيري بحيث يكافئ ذلك الظَّهور الناشئ من الإطلاق ويجعله نظير المشكَّك البالغ حدّ الإجمال وهذا في طرف النقيض لما ادّعي من ظهور الخطاب في النّفسي من غير جهة الإطلاق هذا إذا لم يقم دليل من الخارج على وجوب شيء لغيره وإلا فقد جنح بعض المحققين إلى كونه شاهدا على تقييد إطلاق الأمر المتعلَّق به كما لو ورد إذا أحدثت فتوضّأ وورد أيضا إذا أحدثت فتوضّأ للصّلاة فإنّ المفهوم من الخطاب الأخير كون المقصود من الخطاب الأول أيضا هو الوجوب الغيري قلت والظَّاهر أنّ مفروض الكلام ما إذا لم يحرز شرائط التقييد الَّتي منها اتحاد التكليف وإلا فلا مجال لإطلاق الخطاب الأوّل بعد ورود التقييد في خطاب آخر ثم إنّ توضيح الحال هنا يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى فإنّه من باب ما لو تعدّد الخطاب واتّحد المأمور به نوعا إذ لا فرق في هذه المسألة بين كون الخطابين من سنخ واحد بأن يكونا نفسيّين أو غيريين أو مختلفين فلو بنينا على أن تعدّد الخطاب يوجب تعدّد التكليف حتى لو قال المولى أكرم رجلا أكرم رجلا أفاد وجوب إكرام رجلين كان اللَّازم في المقام الأخذ بمقتضى الخطابين البناء في المثال على كون الوضوء واجبا لنفسه ولغيره ودعوى قضاء العرف في مثل ذلك باتحاد مفاد الخطابين وهو الوجوب الغيري خاصّة غير واضحة وكيف كان فقد ظهر أن الخطاب المجرّد عن جميع القرائن محمول على الوجوب المطلق النفسي العيني التعييني ولو قام هناك قرينة مانعة عن مراعاة مجموع هذه القيود ودار الأمر بين أمرين من الوجوه المخالفة للظاهر وجب حينئذ إعمال ما تقرّر سابقا في تعارض الأحوال وهي كثيرة نذكر جملة منها تبعا لبعض الأعلام منها ما لو دار الأمر بين الندب المطلق والوجوب المشروط ومقتضى القاعدة فيه حمل الخطاب على الثاني ترجيحا للتقييد على المجاز وليس هنا من المرجحات الخارجية ما يقضي بالأوّل سوى غلبة الاستعمال في النّدب وفي كونها باعثة على رجحان المجاز هنا على التقييد نوع تأمّل أو منع خصوصا مع إمكان منع الغلبة نظرا إلى أنّ كل خطاب مشروط لا محالة ولو بشروط التكليف إلَّا أن يقال إنّ التقييد بها عقلي والتقييد العقلي ليس من التقييد الراجح على سائر الأحوال لكونه أمرا مفروغ الوجود في جميع الخطابات والتقييد الشّرعي الثابت بالأدلَّة الشرعية اللفظية في الخطابات ليس ممّا يكافئ رجحان الندب فلو قيل بالوقف هنا لم يكن فيه