responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 210


بينهما إلا من حيث المتعلَّق فإرادة التكوين ما كان متعلَّقا بفعل النفس وإرادة التكليف ما كان متعلَّقا بفعل الغير سواء فسّرنا الإرادة بالعلم أو بغيره ولعلّ ما ذكره رحمه الله مبني على أن إرادة التكوين عبارة عن الغرم وإرادة التكليف عن العلم فاختلفا سنخا وفيه أنّ العزم هي إرادة فعل النفس فالإرادة والعزم بمعنى وإلا لكان الإرادة مشتركا لفظيا بينه وبين إرادة التّكليف والتحقيق في الجواب بعد النّقض على الأشعري لأنّ إرادة أحد الضدّين وطلب الآخر واقتضائه أيضا مستحيل أو قبيح عن العاقل فضلا عن الحكيم أنّ سببية وجود الكافر للكفر في حيّز المنع بل السّبب إنّما هو الدّاعي ووجود الفاعل يعدّ من الشّرائط للأفعال الاختيارية عرفا وعقلا وشرعا ومن البيّن أنّ إرادة الشرط ليست إرادة للمشروط ولو تبعا فإن قلت وجود الفاعل هو السّبب للمسبّب أي الداعي فيعود المحذور قلنا هذا ممنوع وتوضيح الجواب أنّ إرادة وجود الفاعل يجامع كراهة وجود الفعل إذا لم يكن نفس وجود الفاعل علَّة تامة لصدور ذلك الفعل المكروه بأن كان اقتضاء الفعل موقوفا على مقدّمة الاختيار والإرادة فإن خلق الفاعل حينئذ لا يستلزم تعلَّق إرادة الخالق بالفعل ولو تبعا إذ ليس الذّات حينئذ سببا للفعل بل شرطا وإنّما يكون كذلك لو كان الفعل من مقتضيات ذات الفاعل بلا توسيط مقدمة الاختيار كالإحراق بالنّسبة إلى النار فإن خلق مثل هذا الفاعل يستلزم تعلَّق الإرادة ولو تبعا بالفعل مع العلم بالسّببيّة فإن قلت هذا الَّذي جعلته فارقا بين الفاعلين فرق صوريّ ولا يجدي يكاد في المقام لأنّا ننقل الكلام إلى صفة الاختيار وتقول إنّ اختيار الفعل أيضا من مقتضيات الذّات ولو بملاحظة الدّواعي الَّتي خلقها الله تعالى فينتهي مجموع مقدّمات الفعل وهو السّبب إلى الواجب وإن كان الانتهاء في بعض كالاختيار بواسطة سببه الَّذي هو الذات ومنع استناد الاختيار إلى الذات يستلزم القول بجواز تحقق الممكن بلا مؤثر وهو ممّا يتناكر عليه جميع فرق الإسلام قلت ما ذكرنا هو محصّل ما استقرّ عليه رأي المحققين من الإماميّة في حلّ شبهة الجبر كأفضل المحققين الخواجة نصير الدّين وباقر العلوم الرسميّة المير الدّاماد وغيرهم من حكماء الإمامية كالفاضل القزويني وصدر المحققين الشيرازي ويساعده العقل والاعتبار وطريقة العقلاء وناهيك عن هذا تقبيحهم مؤاخذة النّار في إحراقه وعدم تقبيحهم عقاب الكفار والعصاة وعليه تم المدّعى لأنّ الاختيار وإن كان من مقتضيات الذات أيضا إلَّا أن اقتضاء الذّات له ليس على حدّ اقتضائه نفس الفعل فإن الفعل الصّادر عن اختيار الذات مسلوب الانتساب إلى خالق الذّات مطلقا فيصحّ سلب تعلَّق إرادة الخالق بنفس الفعل بجميع أنحاء التعلَّق بخلاف الفعل الصّادر عن الذّات بلا توسيط مقدّمة الاختيار فإنّه منسوب إلى خالق الذّات ببعض أنحاء الانتساب فتأمل جيّدا وبقية الكلام تطلب من غير المقام ومنها أنّه يصحّ قول القائل لغيره أريد منك الفعل ولا آمرك به من دون تناقض بيّن وأجاب عنه العلَّامة رحمه الله في محكي نهاية بأنّ الإرادة المثبتة ليست إرادة خالصة بل هي إرادة مشوبة بعوارض كما قد تحصل في الإنسان فلا تكفي في حمل المكلَّف على الفعل وفي التهذيب بأن المراد بالأمر المنفي هو الإلزام فلا تناقض وأورد بعض المحققين على الأوّل بأنّا نرى صحّة القول المزبور مع كون الإرادة في كمال الخلوص وعدم الشوب وعلى الثاني بأن ذلك غير مجد لأن الإلزام فعل من أفعال النّفس مغاير للإرادة وإن كانت مجامعة إياها أحيانا وقد اعترف بأنّه معتبر في معنى الأمر فثبت أن معنى الأمر غير الإرادة وهو الإلزام فلا جدوى في الجواب المذكور قلت يرد عليه أوّلا أنّ في تفسير الإلزام بأنّه فعل من أفعال النفس نوع مصادرة لأنّ الإلزام عين الطَّلب الحتمي وهو عين الإرادة الأكيدة الحتمية عند القوم مع أن تسمية ما في النفس فعلا لا يخلو عن خفاء وثانيا أنّ الإرادة كالطَّلب قد تكون ملزمة وهي الإرادة الحتمية وقد لا تكون كذلك فيكون أثرها رجحان المراد مع عدم المنع من النقيض فالمراد أن المثبت هو جنس الإرادة والمنفي هو تاكَّدها وبلوغها حدّ المنع وهذا ليس اعترافا بمغايرة مفاد الأمر للإرادة نعم فيه اعتراف بأن مدلول الأمر يشتمل على الإرادة مع المنع عن النقيض بناء على ما اتفق عليه الكلّ أو الجلّ من دلالة الأمر على الوجوب فكيف لا يكون الجواب مفيدا في المقام ولعلَّه رحمه الله لم يعثر بما ذكره العميدي في شرح العبارة حيث ذكر أن حقيقة الأمر لا ينحصر في الإرادة أو الطَّلب المطلقين بل لا بدّ فيه من أمور منها الإرادة أو الطَّلب ومنها أنّه يصحّ صدور الأوامر الامتحانية من السّلطان بالنّسبة إلى رعيّته ومن السّيّد إلى عبده وليس هناك إرادة للفعل لأنّ العاقل لا يريد هلاك نفسه مثلا وأجابوا عنه بأن الأوامر الامتحانية ليست أوامر حقيقيّة بل هي أوامر صورية عارية عن الإرادة وهذا جيّد وليس قولا بالتجوّز على ما عرفت تحقيقه نعم لو قيل بأن الأمر وضع لنفس الإرادة لا لإظهارها كانت الأوامر الامتحانية الصّورية كلَّها مجازات ولعلّ الخصم يتقوى حينئذ بدعوى فساد ذلك بالضرورة لأن صدق الأمر هيئة ومادّة على الأمر الامتحاني في العرف والعادة لا ينبغي إنكاره فالأولى في الجواب ما قلنا من أن الهيئة موضوعة لإظهار الإرادة لا لنفسه ونمنع صدق المادّة عليه عرفا كما لا يخفى واعلم أن الحاجبي وتبعه العضدي لما نظر إلى ضعف هذا الدّليل لجريانه في الطَّلب أيضا إذ العاقل لا يطلب هلاك نفسه قال الأولى الاستدلال على مغايرة الإرادة للطَّلب بأنه لو كان عين الإرادة لوجبت المأمورات كلَّها لأن الإرادة تخصيص للفعل بحال حدوثه والظَّاهر أن مراده بالمأمورات مأمورات الشارع كما

210

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست