responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 197


بل هو إخبار عن تحقق الوجوب عند الدّلوك قلت الظَّاهر أنّ السّؤال والجواب ليس بينهما مطابقة واضحة لأنّ المفهوم المحصّل من كلام المستدلّ أنّ الخطاب المشتمل على الوضع مغاير للخطاب الوارد في التكليف وأنّ القول بأن الحكم الوضعي عين الحكم التكليفي باطل بالبداهة وأنّ كلَّا من الوضع والتكليف منتزع من خطاب آخر وهذه المطالب الثلاثة ليس شيء منها قابلا للمناقشة وليس في كلامه تصريح أو تلويح على أنّ الحكم الوضعي والتكليفي مجعولان بجعل واحد أو بجعلين متغايرين في ضمن خطاب واحد كما أنّه لا دلالة في كلامه على أنّ قول الشارع الدلوك سبب لوجوب الصّلاة جعل للإيجاب استتباعا بل على أنّ قوله هذا مستتبع للتكليف ومنشأ لانتزاعه لأنّ ظهور الاستتباع في الانتزاع أكثر من ظهوره في استتباع الجعل وبينهما فرق واضح فالمراد أن خطاب الوضع ينتزع منه التكليف لا أنّه يستتبع بجعل التكليف فالأولى في ردّه ما قلنا من أنّ شيئا من هذه المطالب الثلاثة ليس بمردود عند النفاة كما أنّها ليست بمرادة للمثبتين ثمّ قال الأستاذ دام ظلَّه هذا كلَّه مضافا إلى أنه لا معنى لكون السّببية مجعولة فيما نحن فيه حتى يتكلَّم أنّه بجعل مستقلّ أو لا فإنا لا نتعقّل من جعل الدّلوك سببا لوجوب الصّلاة خصوصا عند من لا يرى كالأشاعرة الأحكام منوطة بالمصالح والمفاسد الموجودة في الأفعال إلَّا إنشاء الوجوب عند الدّلوك وإلَّا فالسّببيّة القائمة بالدّلوك ليست من لوازم ذاته بأن يكون فيه معنى يقتضي إيجاب الشارع فعلا عند حصوله ولو كانت لم تكن مجعولة من الشارع ولا نتعقّلها أيضا صفة أوجدها الشارع فيه باعتبار الفصول المنوعة ولا الخصوصيات المصنّفة أو المشخّصة انتهى كلامه مدّ ظلاله أقول قد أوضحنا ما هو المراد من هذا الكلام المنيف والتحقيق اللَّطيف حيث ذكرنا غير مرّة أنّ الجعل اللَّائق بالأحكام لا بدّ أن يرجع إلى نحو من الإنشاء القائم بالحاكم ونحن لا نتعقّل في الخطابات الَّتي يستفاد منها الوضع كقوله تعالى أقم الصّلاة لدلوك الشمس من الإنشاء والجعل الحكمي سوى جعل الوجوب للصّلاة عند الدلوك فكان ما قدّمناه بالقياس إلى هذه العبارة يجري مجرى الشرح قبل المتن هذا ولقائل أن يقول إن الخطابات المشتملة على الوضع في العرفيات أيضا مغاير لإنشاء الطَّلب أو الإذن وأنفع شيء في تقريب المقام هي ملاحظة التقريرات الجعلية العرفية الَّتي منها جعل الألفاظ علامة للمعاني فإنّ قول القائل وضعت هذا اللَّفظ لهذا المعنى على القول بعدم المناسبة إنشاء لعلاقة جعليّة بين اللَّفظ والمعنى ضرورة أنّ صيغة الماضي هنا غير مستعملة في الإخبار عن الماضي أو المستقبل بل مستعملة في إنشاء الوضع الجعلي وإحداث العلاقة فالوضع كالتكليف إنشاء قائم بالحاكم مستتبع لأثر قائم بغيره وهي السّببية والشرطية مثلا نظير استتباع الإيجاب القائم بالموجب صفة تعرض للفعل الواجب وتقوم به فكلّ من الوضع والتكليف حكم بمعنى الإنشاء قائم بالحاكم مستتبع لأثر قائم بغيره فقوله دام ظلَّه إنّه لا معنى لكون السّببية فيما نحن فيه مجعولة إلى قوله ولا نتعقّلها صفة فيه بعض المؤاخذة نعم لا معنى لكون السّببيّة مجعولة في قوله تعالى أقم الصّلاة لدلوك الشمس لأنّ المجعول بهذا الخطاب ليس سوى وجوب الصّلاة وأمّا السّببيّة المستفادة منه فهي أمر منتزع منه نحو انتزاع الطالبيّة وكون المأمور مطلوبا ومن البيّن أنّه لا معنى لعد المفاهيم المنتزعة من جعل الحكم مجعولة حتى يتكلَّم في استقلال جعلها وعدمه ولعلَّه المراد بقوله فيما نحن فيه وأمّا نحو قوله الدّلوك سبب لوجوب الصّلاة فظاهر هذا الخطاب أيضا لا يقتضي جعل شيء تكليفي أو وضعي لأنّ ظاهره الإخبار عن السّببية يعني اقتضاء الدّلوك وجوب الفعل مع استجماع شرائط التكليف فلا جعل فيه أيضا والخطابات الشرعية المستفادة منها الأحكام الوضعية لا تتجاوز عن القسمين فإمّا أن يكون من قبيل أقم الصّلاة لدلوك الشمس أو من باب الدلوك سبب لوجوب الصّلاة ولا معنى لجعل السّببية في شيء منهما كما عرفت نعم لو بني على مذهب الأشعري من عدم إناطة الأحكام للمصالح الواقعية وجب حمل نحو قول الشّارع الدّلوك سبب لوجوب الصّلاة على الإنشاء فيجري مجرى قوله جعلت الدلوك سببا أو قول العدل دليلا لأنّ الحمل على الإخبار من الواقع كذب لا واقعية له بناء على ذلك المذهب وأمّا بناء على مذهب العدلية من دوران الأحكام وضعا وتكليفا للصّفات الواقعية فلا ضرورة إلى صرف القضية عن ظاهرها إلى الإنشاء لأنّ وجوب الصّلاة عند الدلوك لا بدّ أن يستند على هذا المذهب إلى صفة مائزة له عن سائر الأزمان قائمة بالدّلوك مقتضية لحسن الفعل الملزم يكون بها الدلوك سببا فيثبت له صفة السّببية فيها والحاصل أنا لو بنينا على مذهب الأشعري كانت مضامين الخطابات الشرعية الواصلة إلينا الخبرية وما يجري مجراها مثل الطَّهارة شرط للصّلاة لا الخطابات المتضمنة للتكاليف في وقت كذا أو حال كذا أحكاما وضعية منتزعة من الإنشاءات الوضعيّة المغايرة لإنشاءات التكاليف قائمة بالحاكم وأمّا على مذهبنا من صدور الأحكام وضعا وتكليفا عن الصّفات الكامنة انحصر الحكم الشرعي في التكليفي ويكون الخطاب الوضعي إخبارا عن الصّفات الواقعية أو عن الأمور الانتزاعية من التكاليف ولا يذهب عليك أن قوله دام ظلَّه خصوصا عند من لا يرى إناطة الأحكام إلخ غير مناف لهذا التفصيل لأن الخصوصية الملحوظة في هذه العبارة ناظرة إلى إنكار كون السببيّة مثلا صفة مخلوقة لله تعالى في السّبب في أحد القسمين المذكورين من الخطابات

197

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 197
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست