الأفعال الخارجية بل حصول ذلك المفهوم المقدر المشترك وإن كان حصوله في الخارج موقوفا على تلك الأفعال وحينئذ فلا بدّ في تحصيل ذلك العنوان الجامع الَّذي هو عنوان الأمر بالصّلاة أو الغرض الدّاعي إليه من الاحتياط في مقدمات حصوله الَّتي هي الأفعال الخارجية كما سبق في مسألة البراءة والاشتغال من أنّ إجراء الأصل في أجزاء الماهيّات المركَّبة وشرائطها إنّما يتجه إذا لم تكن الماهيّة المركبة محصّلة لعنوان يكون هو المقصود من طلبها وإلَّا كان الشكّ في شرط أو جزء من أجزاء ذلك المركب شكَّا في المكلَّف به ولازمه وجوب الاحتياط مثلا إذا علم العبد أنّ مولاه أمر بشرب دواء مركب من أجزاء معلومة وشكّ في اعتبار جزء آخر ولم يعلم المقصود من هذا الأمر كان له الاقتصار على شرب الأجزاء المعلومة بعد العجز عن تحصيل العلم أو الظَّن باعتبار ذلك الجزء المشكوك فيه اتكالا على قبح مؤاخذة الجاهل وأمّا إذا علم أنّ مقصود المولى من الأمر بشربه إنّما هو التبريد أو إسهال الصّفراء مثلا فيجب عليه الاحتياط بإتيان جميع الأجزاء المشكوكة تحصيلا للبراءة اليقينية بعد العلم بثبوت التكليف بذلك العنوان أعني التبريد والشكّ في حصوله بالأجزاء المعلومة ولذا أبطلنا مسلك المحقق الخوانساري رحمه الله في أجزاء الوضوء والغسل من إجراء أصل البراءة بأنّ الغرض من أوامر الوضوء والغسل ليس هو نفس الغسلات الخارجيّة بل حصول الطهارة المعنوية والنظافة الباطنية فمع الشكّ في حصول الطَّهارة وجب الاحتياط في مقدمات وجودها أعني الوضوء والغسل ويمكن أن يجاب عن ذلك بعد النقض به على جميع المذاهب وعامة المسالك في وضع ألفاظ العبادات من القول بالوضع للأعمّ وللصّحيح بالاشتراك اللَّفظي أو بطريق الحقيقة والمجاز أو بكلّ طريق يبدأ في المقام نظرا إلى أنّ المقصود من أوامر العبادات ليس هو حصول نفس الأفعال الخارجية كأوامر الواجبات التوصّلية بل المقصود منها شيء يتوقف حصوله على تلك الأفعال مع صدورها على وجه الطَّاعة نظير توقف التبريد على الأفعال الخارجية في المثال المشار إليه وهذا لا يتفاوت فيه بين القول بوضعها لذلك الأمر الَّذي هو المقصود بالأمر أو شيء آخر يكون مقدّمة لحصوله ووجوده بأنّ العلم بحصول ذلك العنوان الَّذي هو الموضوع له في الخارج على وجه الاحتياط ولو بإتيان جميع الأجزاء والشّرائط المشكوكة أمر غير ممكن لاحتمال توقف حصوله في الخارج على إتيان الأجزاء والشرائط الواقعية مع العلم بكونها أجزاء وشرائط نظير توقفه على إتيان الأفعال بعنوان الإطاعة وقصد القربة ومع هذا الاحتمال يتعذر العلم بحصوله في الخارج ولو بإتيان جميع الأجزاء والشرائط المشكوكة وحينئذ فإمّا أن يقال ببقاء التكليف بالنّسبة إلى نفس الأفعال أو يقال بسقوط التكليف رأسا بناء على أنّ تعذّر بعض محتملات الواجب قبل تعلَّق الوجوب يوجب سقوط التكليف به كما تقرّر في الشّبهة المحصورة الوجوبية والثاني خلاف الضّرورة فضلا عن الإجماع والأوّل لا يمنع من إجراء الأصل في أجزاء تلك الأفعال لأنّ أثر التكليف بالصّلاة مثلا حينئذ إنّما يتوجّه إلى نفس تلك الأفعال فكأنّها المقصودة بالأوامر دون العنوان القدر المشترك وهو حسن هذا وقد يوجه مذهب الصّحيحي بالتزام البدلية في بعض والاشتراك في الباقي معنى أو لفظا فيقال أن صلاة الغرقى والمطاردة وصلاة الخوف وصلاة المستلقي والمضطجع ونحوها ممّا لم تحفظ فيه صورة الصّلاة وصورة الأركان أبدال عن الصّلاة الواقعية مجزية عنها في حقّ هؤلاء المضطرّين وأمّا صلاة المسافر وصلاة المرأة وما أشبههما في محافظة الصّورة الصّلاتية فهي على حدّ سواء في الاندراج تحت المسمّى لفظا أو معنى وفيه أيضا أنّه التزام بما لا يقول به أحد في الجملة إذ الاشتراك اللَّفظي ولو بين نوعين من الصّلاة الصّحيحة ممّا لا يقول به الصّحيحي ولا يساعد عليه شيء من الأدلَّة الآتية والاشتراك المعنوي بين الباقي يستتبع المحذور المتقدّم أيضا إذ لا فرق فيه بين سعة دائرة ذلك القدر المشترك وضيقه مضافا إلى أن جعل ما ذكر من الصّلاة أبدالا مناف لظاهر أدلَّتها فإنّها ظاهرة في كونها صلاة لا أبدالا وهنا تحقيق آخر نفيس يصحّح مذهب الصّحيحي قد سبق ذكره في مبحث الوضع وهو أن يقال باشتراك لفظ الصّلاة بين الأنواع اشتراكا لفظيا ناشئا من تصرّف المتشرعة ولو في زمان الشّارع بأن كان الموضوع له عند الشارع هو الفرد الكامل المجعول في حق المختار الحاضر ثمّ أطلق في زمان الشّارع على غيره من العبادات المترتب عليها أثر ذلك المجعول الأوّلي أعني التقرب توسّعا وتسامحا نظير مسامحة أهل العرف في إطلاق ألفاظ المقادير المتصلة كالمنّ والرّطل والذراع ونحوها على ما يساوي حقائقها الأولية في حصول الغرض والأثر من الأوزان والمقادير الناقصة والزائدة بالزّيادة والنقصان الغير الفاحشين فيطلقون على الرّطل إلَّا مثقالا لا اسم الرّطل وعلى الذّراع إلا نقطة لفظ الذّراع فإطلاق لفظ الصّلاة بعد اختصاص وضعه بفرد خاصّ من الماهيات الصّحيحة على بقية الأفراد كإطلاق لفظ الرّطل على ما ينقص من المقدار المعهود بيسير من غير فرق إلَّا في بلوغ المسامحة في إطلاقات لفظ الصّلاة إلى درجة الحقيقة في زمان الشّارع أو المتشرعة وعدم بلوغ المسامحة في ألفاظ المقادير إلى تلك الدّرجة ولذا ينصرف عند الإطلاق إلى المعنى الأصلي خصوصا في الأوامر الشرعية وإن شئت تمثيلا آخر أطبق بما نحن فيه فانظر إلى ألفاظ المركبات العرفية كلفظ السّكنجبين فإنّ الملحوظ في حال وضعه كان هو المركب من الخلّ و