responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 379


عدم كون الترك مقدّمة حتى يتم التفصيل تذنيب قد اشتهر عن الكعبي القول بانتفاء المباح رأسا وربما نسب إلى جماعة أخرى مطلقا وحيث استصحبوا دفع هذه الشبهة حتى اعترف الآمدي في محكي الأحكام بأنه لا حاسم لها فالحري تقريرها بأدلَّتها وتقرير ما قيل أو يقال في جوابها فنقول قد استدل على انتفاء المباح بوجوه الأوّل وهو العمدة أن ترك الحرام واجب وهو لا يتم إلا بفعل من الأفعال وما لا يتم الواجب إلا به واجب فيكون فعل المباح واجبا بالوجوب المقدّمي وهذا الدّليل مركب من مقدّمات هي وجوب ترك الحرام وتوقفه على فعل من الأفعال ووجوب المقدّمة بالنظر إلى هذه المقدّمات أجيب عنه بوجوه الأوّل أنّ ترك الحرام قد يكون مع انتفاء بعض شرائط التكليف من العلم والقدرة وغيرها من الشروط العقليّة والشرعية والمباحات في هذه الحالة تبقى بحالها فلا يلزم انتفاء المباح رأسا وأوّل من أشار إليه ممن وقفنا عليه المحقق السبزواري قال بعد إيراد الدّليل المذكور ورده بمنع مقدمية ترك الضدّ على الوجه الَّذي بيناه من بطلان تمانع الأضداد ما لفظه ويمكن أن يقال إذا حصل ترك الحرام بارتكاب فعل ما بحيث صار ذلك الحرام ممتنع الصّدور من المكلَّف في الزمان الثاني ففي الزمان الثاني لا يكون مكلَّفا بالترك لأن التكليف فرع القدرة فلا يجب عليه فعل ما لأجل الترك المذكور بل كلَّما صدر عنه كان متصفا بالإباحة حينئذ وكذلك صدور الحرام عن بعض الجوارح قد يكون ممتنعا في بعض الأوقات بناء على انتفاء شرائط التمكن وحينئذ لا يكون مكلَّفا بالترك كما بيّناه فكل فعل صدر عنه في ذلك الوقت كان متصفا بالإباحة فلا يلزم انتفاء المباح رأسا انتهى وأورد عليه بأن انتفاء الوجوب بالعرض لا ينافي الوجوب الذاتي الأولي المجعول عند جعل الأحكام كما أنّ الأمر كذلك في جميع الواجبات كالصّلاة والصّوم والجهاد ونحوها فإن كونها واجبات شرعا لا ينافي عدم تعلَّق الوجوب أحيانا ووجوب المباح بالوجوب الغيري لا يزيد عن وجوب الواجبات النفسيّة وغرض الكعبي أنّ الشارع بعد ما أوجب أفعالا وتروكا لم يبق محلّ للإباحة لأنّ ما عداهما يتصف حينئذ بالوجوب المقدّمي قهرا فليس الإباحة من الأحكام المجعولة وهذا لا ينافي خروج الواجبات والمحرّمات ومقدّماتها عن الوجوب والحرمة الفعليّين نعم لو كان مراده نفي المباح مطلقا ولو بالعرض كان الإيراد المذكور متجها على الدليل المذكور ويدفعه أنّ المقدمية من العناوين الثانوية فغاية ما يقتضيه سراية الوجوب المقدّمي إلى ما عدا الواجبات والمحرمات من حيث كونها مقدّمة لفعل واجب أو ترك حرام بحسب الجعل الأولي وهو لا ينافي جعل حكم آخر أوّلا وابتداء مغايرا للوجوب للأفعال من حيث عناوينها الأولية فنصب السلَّم يكون واجبا من حيث كونه مقدّمة ومباحا من حيث عنوان نفسه وتظهر الثمرة عند انتفاء الوجوب المقدّمي والحاصل أن الشارع جعل لنصب السّلم حكمين مختلفين عند جعل الأحكام أحدهما الوجوب والآخر الإباحة ولا تنافي بينهما لاختلاف الحيثية والجهة وتظهر الثمرة في مورد الافتراق فهذا الردّ متين لا يوهنه ما قيل فافهم وتدبّر الثّاني نفي وجوب المقدّمة وعليه بنى الجواب عن الدّليل المذكور جماعة كالحاجبين وصاحب المعالم ومنهم الآمدي في محكي الأحكام حتى اعترف بعجزه عن دفع شبهة الكعبي بغير نفي وجوب المقدّمة وحيث كان من القائلين بوجوب المقدّمة قال عسى أن يكون عند غيري حلَّه ولصاحب المعالم جواب آخر بعد تسليم وجوب المقدّمة مطلقا ولو لم يكن سببا وأنت خبير بأنه لا كرامة في هذا الجواب إذ الاعتراف بالعجز عن دفع الشبهة أصلي وأخرى من إنكار وجوب المقدّمة الثابت بالإجماع والعقل حسبما مضى في محلَّه مع أنه غير مفيد لأن المقدّمة ولو لم تكن واجبة فهي غير قابلة لحكم آخر ممّا يضاد الوجوب حسبما عرفت في مقدّمة الواجب فينتفي المباح أيضا ويحصل غرض الكعبي وأيضا لا يجدي من فصل في وجوبها بين السّبب وغيره كصاحب المعالم لأن فعل الضدّ سبب ومستلزم لترك الضدّ فالإشكال على هذا التفصيل باق بحاله فكيف قال إن القائلين بوجوب المقدّمة ضايقهم المجال في الجواب عن شبهة الكعبي ونحن في سعة من ذلك ونعم ما أورد المدقق الشيرواني قدّس سره هنا حيث قال وأنت تعلم أن جميع ما نقل يدلّ على أن مراد الكعبي أن كلّ مباح ضدّ الحرام والضدّ لو كان مقدّما على ترك الضدّ الآخر بالتقدّم الذاتي لكان سببا مستلزما لا شرطا غير مستلزم فشبهة الكعبي كما يرد على القائل بوجوب المقدّمة مطلقا يرد على القائل بوجوب السّبب فقط أيضا انتهى فلو قيل لعلّ مراده بالسّبب العلَّة التامة وفعل الضدّ وحده ليس علَّة لترك الحرام بل هو مع الصّارف عنه علَّة له فلا يلزم القول بوجوب فعل الضدّ قلنا وجوب المجموع كاف في وجوبه لأنّ جزء الواجب واجب اتفاقا ولو كان مراده بالسّبب الجزء الأخير من العلَّة التامة دون المجموع كما احتمله السّلطان قدّس سره فما أورده الشيرواني قدّس سره أوضح ورودا لأنّ الجزء الأخير هنا هو فعل الضدّ لتأخره رتبة وزمانا عن الصّارف كما لا يخفى الثّالث ما في المعالم أيضا قال والتحقيق في ردّه أن مع وجود الصّارف عن الحرام لا يحتاج الترك إلى شيء من الأفعال وإنّما هي من لوازم الوجود حيث نقول بعدم بقاء الأكوان واحتياج الباقي إلى المؤثر وإن قلنا بالبقاء والاستغناء جاز خلوّ المكلَّف عن كلّ فعل فلا يكون هناك إلَّا الترك وأمّا مع انتفاء الصّارف وتوقف الامتثال على فعل للعلم بأنّه لا يتحقق الترك ولا يحصل إلَّا مع فعله فمن يقول بوجوب

379

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست