responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 336


في شأن الجهّال بحقيقته فيعود إشكال الدّور أو الخلف بحقيقته ولعلّ أمره قدّس سره بالتأمّل إشارة إلى بعض ما ذكرنا من الإيراد والجواب واللَّه الهادي إلى الصّواب وبما ذكرنا ظهر الجواب عن الإشكال الثاني وهو لزوم اجتماع الغايتين المتضادتين أيضا ضرورة كون الغاية لكلّ من الأمرين هو الغير وأمّا التعبّد فقد اعتبر في موضوع أحدهما ولم يعتبر غاية له إذ الغاية هو الغير أعني الصّلاة مثلا وهو واضح بأدنى تأمّل وقد يجاب عن إشكال الدّور بوجهين آخرين أحدهما أنا نمنع لزوم كون المأمور به مقدورا قبل الأمر بل يكفي القدرة عليه عند الامتثال في صحة التكليف لأن العقل لا يحكم بأزيد من ذلك فلو كان المكلَّف عاجزا عن الامتثال قبل الأمر ولكن يحدث له القدرة بحدوث الأمر فلا مانع من الأمر بغير المقدور فيندفع الدّور لبطلان المقدمة الأولى وهي توقف الأمر على كون المأمور به مقدورا قبل الأمر وفيه ما لا يخفى لأنّ الدّور إنّما جاء من توقف المقدّمية الموقوفة على الأمر الموقوف على كونها مقدمة ولا مساس للمقدورية وعدمها بذلك ثانيهما أن قصد القربة من وجوه الامتثال وكيفيات الإطاعة الَّتي ليست إلا بيد العقل من غير تصرف من الشارع فيها فلا يكون داخلا في متعلَّق الأمر حتى يلزم شيء من المحذورين المذكورين وفيه أن الكلام ليس في أن كيفية الإطاعة بيد العقل أو بيد الشارع بل في أن الإطاعة وقصد القربة كيف يكون معتبرا في متعلَّق الأمر مع توقفه على الأمر ولزوم الدّور على تقدير الاعتبار عقلا وشرعا واللَّه الهادي التنبيه الرابع في أنّه هل يعتبر في وقوع الواجب الغيري على صفة الوجوب قصد التوصّل إلى الغير بحيث لو لم يقصد فيه ذلك لم يقع على صفة الوجوب أم لا فنقول أمّا المقدّمات التوصلية فلا وجه لاعتبار قصد التوصّل إلى الغير فيها فإن المطلوب منها ليس إلَّا إيقاعها في الخارج وبه يتوصل إلى الغير سواء أتى به قاصدا لامتثال الغير أم لا فإن نصب السّلم مثلا بأيّ غرض كان محصّل للعنوان المقصود منه فيتصف بالوجوب إذا وقع ولو كان غير قاصد للصّعود على السّطح وأمّا المقدّمات الشرعيّة التعبّدية كالطَّهارات الثلاث ونحوها فيعتبر قصد التوصل إلى الغير لأنّ المقدّمة العبادية ليست ممّا يحصل بفعلها التوصّل مطلقا بأيّ وجه اتفق بل المفروض أنّه يعتبر فيها قصد القربة الموقوف على إتيانها بداعي الأمر الَّذي تعلَّق بها والأمر الَّذي تعلَّق بها أمر غيري مقصود به التوصّل إلى الغير وامتثال الأمر الغيري لا يتحقق إلا بعد إتيان الواجب الغيري بداعي أمره المتعلَّق به على الوجه الَّذي تعلَّق به فلو قصد في إتيان الواجب الغيري امتثال أمره ولكن لم يقصد التوصّل إلى الغير لم يعد ممتثلا مطيعا عند العقلاء والحاصل أن الواجبات الغيرية التعبدية لما اعتبر في صحتها قصد القربة توقف حصوله في الخارج على قصد التوصل إلى الغير لأن قصد القربة متوقف على امتثال الأمر على صفته وجهته لا على غير الوجه المقرر له فإذا قصد امتثال الأمر المتعلَّق بالوضوء ولم يكن في قصده الصّلاة فهذا لا يكفي في القربة لأنّه في الحقيقة آت لا لأمر المولى بل لهواء نفساني آخر بل لاعب بأمر المولى غير معتني بما أمر حيث إنّه أمره بالوضوء لأجل الصّلاة وهو توضّأ لغيرها ومع ذلك يدعي أنّه امتثل أمره المتعلَّق بالوضوء وهذا بخلاف الغيري التوصلي فإن صحته لما لم يكن موقوفة على قصد القربة لم يتوقف عليه وجوده في الخارج وهل حيثيّة قصد التوصل إلى الغير حيثية تقييدية منوعة له إلى نوعين فيكون الوضوء الواقع للتوصّل إلى الصلاة مغايرا للوضوء الواقع لغاية أخرى كالتلاوة كتغاير الأغسال باختلاف أسبابها وغاياتها أو تعليلية محضة لا يوجب تكثير موضوعه وتغايره في الخارج بل الوضوء الواقع لغاية هو عين الوضوء الواقع لغاية أخرى ومتحدان نوعا وشخصا وتظهر الثمرة في جواز الوضوء المستحبي بعد دخول وقت الفريضة فعلى الأول يجوز لمن لا يريد الصّلاة الوضوء لتلاوة القرآن إذ المفروض كون الوضوء بقصد التلاوة غير الوضوء بقصد الصّلاة فلا مانع من تعلَّق الأمر به كالصّلاة المندوبة لمن كان عليه الفريضة على القول به أو الصّدقة المستحبّة لمن كان عليه صدقة واجبة وعلى الثاني لا يجوز إذ المفروض كون الوضوء شيئا واحد لا يختلف ماهية باختلاف الغايات كما لا يختلف باختلاف الأسباب وبعد دخول وقت الفريضة أو اشتغال الذمة بالقضاء تعلَّق به الأمر الوجوبي ومع تعلَّقه لا يجوز تعلَّق الأمر الاستحبابي أيضا ضرورة تضاد الأحكام واستحالة اجتماع الضدّين في شيء واحد شخصي وهذا هو الأصحّ لأن قصد الغاية لا يصلح أن يكون منوعا للفعل المترتب عليه تلك الغاية لأن التنويع إنما يحصل بالعوارض والصفات المقارنة مع الفعل في الوجود وغاية الشيء كالجلوس بالنسبة إلى السّرير والإسهال بالنّسبة إلى المسهل والتوصّل إلى ذي المقدّمة بالنّسبة إلى المقدّمة متأخرة عنه في الوجود فكيف تصلح أن تكون منوعة له بل فيه من تقديم المعلول على العلَّة ما لا يخفى وكذا قصد الغاية أيضا لا يصلح أن يكون منوعا للزوم اتحاد المنوّع والمنوع في الوجود وقصد الغاية وجوده ذهني ووجود الفعل خارجي فكيف يكون للتنويع والتكثير

336

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 336
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست