responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 264


والأشهب وأمّا الرّواية الأخيرة فهي مسوقة لبيان أنّهم قد أجابوا عن بعض السّائلين عنهم عليهم السلام بما لا يطَّلع على كنهه إلَّا الفقيه العارف بمزايا كلماتهم ولا مساس له بالتورية أبدا مع احتمال كون المراد بصرف الإنسان كلامه كيف شاء التلطَّف والطفرة في الكلام عن القضية المبتلى بها إلى قضية أخرى والحاصل أن أمثال هذه الأخبار ليست صريحة في التورية بل ولا ظاهرة حسب ما عرفت ثم بعد تسليم الظَّهور أو الصّراحة فنفخة بلا هزام لأنّ المسألة علميّة والمسائل العلمية خصوصا العقليات منها لا تثبت بأخبار الآحاد ضرورة أن محصّل مضامينها إمّا إثبات لكلام نفسي أو إثبات لتحقق موضوع الصّدق وكلاهما خارج عن الحكم الشرعي فلا يثبتان بأخبار الآحاد نعم لا مضايقة في ثبوت حكم الصّدق وعدم الحرمة عند الضّرورة وهو مما لا خلاف فيه ولا نزاع بديعة اختلفوا في مدلول صيغة افعل وما يجري مجراها على أقوال متشتتة وتحقيق الكلام فيه يستدعي تقديم مقدّمات المقدّمة الأولى استعمل الصّيغة في العرف واللَّغة في معان عديدة منها الوجوب وهذا الاستعمال في غاية الكثرة في الكتاب والسّنة وأوامر الموالي بالنّسبة إلى العبيد أكثره على هذا المنوال إلا أنّه يشكل من جهة أن المقام مسوق لبيان ما استعمل فيه الصّيغة عرفا ولغة والوجوب معناه اللَّغوي وهو الثبوت ولا ريب في عدم استعمالها فيه أبدا وإن أريد به المعنى المصطلح في لسان الأصوليين الذي يستفاد من تعريفهم للواجب يكون الفعل ممّا يستحق فاعله المدح والثواب وتاركه الذم والعقاب فكذلك أيضا لأن الصّيغة لم تستعمل في صفة الفعل أبدا وقد يذب عنه بأن المراد بالوجوب هنا هو الإيجاب وإنما عبّروا عنه بالوجوب لاتحادهما وعدم تغايرهما إلا بالاعتبار فإن الأمر الحاصل في الخارج ليس إلَّا طلب الفعل وهذا إذا نسب إلى الآمر باعتبار صدوره منه يسمّى إيجابا وإذا نسب إلى الفعل باعتبار القيام به يكون وجوبا فهو في نفسه أمر واحد بسيط وبهذا الاعتبار عبّروا عن الإيجاب بالوجوب وفيه أن الإيجاب كالإلزام والتكليف حسبما عرفت من العناوين الثانوية الطَّارية على الاستعمال فكيف يكون ممّا استعمل فيه الصّيغة وما ذكرناه سابقا من أنّه الموضوع له والمستعمل فيه فإنّما كان إلزاما على الخصم ثم إنّ الفرق بينهما بمجرّد الاعتبار أيضا ليس بشيء لأن الإيجاب من مقولة الفعل والوجوب من مقولة الانفعال وتغايرهما أمر واقعي وليس بمجرّد الاعتبار كما لا يخفى والتحقيق أن يقال إن المراد بالوجوب الَّذي استعملت فيه الصّيغة هو الطَّلب المؤكد البالغ حدّ المنع من الترك ضد الغير البالغ منه الحدّ المذكور فإن الطَّلب وإن كان أمرا وجدانيا بسيطا إلا أنّه بحسب الشدّة والضّعف له مراتب مختلفة متشتتة فأوّل مرتبة الطَّلب وهو الغير البالغ حدّ الحتم ندب وهو أيضا باعتبار الشدّة والضّعف له مراتب مختلفة ومن هنا اختلف مراتب المستحبات بالتأكيد وعدمه إلى أن بلغ من التأكيد مرتبة لا يرضى معه الطَّالب بتركه فيكون وجوبا حينئذ وله أيضا مراتب مختلفة بعضها فوق بعض ولذلك يحصل الاختلاف في مراتب الواجبات ويكون بعضها أهم من الآخر والحاصل أن مفاد الصّيغة حال استعمالها في الوجوب هو الإرادة الحتمية المتأكدة المقرونة بعدم الرّضاء بالترك وهذا ممّا لا إشكال فيه وإنما الإشكال في أن دلالتها على المنع من الترك بالمطابقة أو الالتزام أو التضمّن ظاهر الأكثر هو الثّالث وصريح القوانين والفصول هو الثّاني وقويا الأوّل ومبنى الوجوه هو أن مدلول الصيغة هل هو الطلب المقيد بالحتم والمنع عن الترك أو الطَّلب مع الحتم والمنع أو نفس التحتم فعلى الأوّل تدلّ عليه بالالتزام وعلى الثاني بالتضمّن وعلى الثالث بالمطابقة والأوّل أظهر وعليه يرد سؤال وهو أن التمسّك بالتبادر في المداليل التزامية غير معتبر ولذا لم يستدلّ القائل بوجوب المقدمة أو حرمة الضدّ أو الإجزاء أو فساد المنهي عنه بالتبادر وتصريح أهل اللَّسان فهذا يكشف عن الثالث وهو كون الصّيغة موضوعة لصفة التحتم والمنع من الترك دون الطلب المقيد بهما ويدفعه أن الخلاف في المداليل الالتزامية إن رجع إلى الخلاف في الملازمة بعد الاتفاق على المعنى الموضوع له فهذا هو الَّذي لا مسرح فيه للتبادر أو سائر طرق الوضع والأوضاع والمسائل المشار إليها كلَّها من هذا القبيل لأن الخلاف فيها إنّما نشأ من الخلاف في الملازمة فمن يقول بوجوب المقدّمة فهو يرى التلازم بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ومن لا يقول به فهو ينفى الملازمة فالخلاف في مقدّمة الواجب وأمثالها إنّما هو في ثبوت المدلول الالتزامي بعد الفراغ عن المدلول المطابقي وأمّا في المقام فمنشأ الخلاف فيه هو الخلاف في المدلول المطابقي فإن القائل بأنها للنّدب يدعي كونها موضوعة للطَّلب الغير البالغ حدّ التحتم والمنع من الترك والقائل بأنّها للوجوب يدعي أنها موضوعة له لا لغير البالغ خاصة ولا للقدر المشترك بينه وبين البالغ وهذا مثل الخلاف في المفاهيم فإنّها أيضا مداليل التزامية إلا أنّ النزاع فيها إنما نشأ في مطابقية التعلَّق بالشرط أو الصّفة فمن يقول بالمفهوم فهو يدعي أنّه موضوع للتعليق على العلَّة التامة ومن لا يقول بذلك يقول إنه لا يدل على الأزيد من السّببية المطلقة الموجودة في العلَّة وأحد الأسباب وهذا أصل مطَّرد في المداليل الالتزامية فإن رجع البحث فيها إلى البحث في المطابقة

264

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست