responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 239


المقام هذا مع أنّ العاملين بالرّوايات بين من التزم فيها الإضمار بتقدير الكمال وبين من جعل موردها خصوص العبادات وعلى التقديرين فهي غير صالحة لتأسيس الأصل بها كما لا يخفى الوجه الثّالث ما ورد كتابا وسنة من الأمر بالإطاعة كقوله تعالى أطيعوا اللَّه وأطيعوا الرّسول وما أشبهه من الأوامر الدّالَّة على مطلوبية الإطاعة الَّتي لا يتيسّر إلا بقصد القربة في جميع الواجبات بدليل حذف المتعلَّق ودليل الحكمة مضافا إلى استقلال العقل بحسن الإطاعة مطلقا من دون اختصاصها بمحلّ دون محلّ وقرينة العقل وأجيب عن ذلك بوجوه منها ما ذكره بعض من قاربنا عصره من الأجلَّة من أنّ الأمر بالإطاعة مطلق وليس بعام فلا يتناول محلّ النزاع أقول وأنت خبير بأنّ هذا الكلام في غاية الضّعف والسّقوط لما عرفت من قضاء الوجوه الثّلاثة بالعموم ولا ينبغي أن يخفى ذلك على مثله ولعلَّه نشأ من طغيان القلم ومنها أنّها على تقدير دلالتها على وجوب الإطاعة لا يقيد بها إطلاق الأوامر المجرّدة عن قرينة التقييد فأقصى ما يدلّ عليه وجوب الإطاعة نفسا لا شرطا وسقوط التكليف بالواجبات الشّرعيّة قلت وهذا الجواب أيضا لا كرامة فيه وإن كان الحكم بالتقييد يتوقف على العلم باتحاد التكليف كما تحقق في محلَّه إذ من الواضح المعلوم أن المطلوب من أوامر الإطاعة امتثال الأوامر الشرعيّة على وجه مخصوص فكيف لا يستفاد منه التقييد ومنها وهو الصّحيح عندي أن الإطاعة وإن كانت حقيقة متوقفة على إيجاد المأمور به قاصدا لموافقته إلَّا أنّ المراد بها في أغلب موارد استعمالاتها العرفية والشرعية ما يقابل العصيان والمخالفة فالمراد بها الإتيان بالواجبات وعدم المخالفة بتركها ويدلّ عليه مضافا إلى ما عرفت من الانسباق الناشئ من ملاحظة الاستعمالات المبنيّة جلَّا بل كلَّا على إرادة المعنى المذكور ورود الأمر بها في إطاعة العبد للسيّد والولد للوالد والزوجة للزوج وكذا عمومها للواجبات والمحرّمات مع معلوميّة عدم توقف سقوط التكليف بالحرام على نية القربة مضافا إلى ما في بعض موارد استعمالاتها في الكتاب من تعقيب الأمر بقوله عزّ من قائل ومن يعص اللَّه فإن فيه كمال الشّهادة بأن الغرض من الإطاعة المأمور بها الخروج من تبعة العصيان ثم إنّ ما ذكرنا في الواجب من أصالة التوسلية يتناول المندوب أيضا فلا فرق بينهما من حيث توقف اعتبار قصد القربة على دليل خارجي فالأصل المتقرر كما يقضي بحصول الواجب بمجرّد الإتيان بالمأمور به كذلك يقضي بحصول المستحبّ بمجرّد الإتيان به وكما أنّ المدح والثواب في فعل الواجب يتوقف على قصد القربة فكذلك في فعل المستحب ولعلّ هذا هو ظاهر الكلّ أو الجلّ لكن لبعض أعيان المتأخرين تفصيلا في المقام أحببنا ذكره وذكر ما فيه من وجوه الزلل قال ما حاصله إنّ الواجب قد يكون فعله مستتبعا للثواب بدون القربة أيضا كالإيمان والنية وأمّا المستحب فإن علم من دليله أنّه كذلك أو علم أنّ في تركه منقصة توجب كراهته شرعا فالإتيان به لا يتوقف على قصد القربة وإلا فيتوقف وبذلك يفترق عن الواجب حيث إن الواجب مطلقا لا يتوقف حصوله على الإخلاص إلَّا مع دلالة خارجية بخلاف المستحبّ فإنّه قد يكون وجوده موقوفا على ذلك ولم يتمسّك له بمثال ولعلَّه تركه لوضوحه في زعمه مع كمال خفائه في زعمنا أقول يرد عليه أوّلا أنّ الإيمان والنية إن تعقلنا انفكاك وجودهما عن قصد القربة منعنا ترتب المدح والثواب عليهما أيضا وإلَّا فترتب الثّواب عليهما لا ينهض بإثبات ما زعمه من ترتب الثواب على الواجب أحيانا بدون القربة وثانيا أنّ ترك المستحب لا يتصف بالكراهة المصطلحة كما أنّ ترك الحرام لا يتصف بالواجب المصطلح مع أن ترك المستحب من حيث إنّه مستحبّ لا يعقل اشتماله على منقصة موجبة للكراهة فلا بدّ من اعتبار شيء زائد عن مفهوم الترك وحينئذ لا يحكم على الفعل بأنّه مستحبّ لأنّ ترك المكروه وهو الفعل هنا ليس من المستحبّ الشرعي في شيء فافهم وأمّا ثالثا فلأنا لا نجد فرقا بين الواجب التوصّلي والمستحبّ التوصّلي في عدم توقف وجودهما في الخارج على قصد القربة ولعلَّه زعم أن ما لا يترتب عليه الثواب لا يتصف بالاستحباب وهو خطأ بيّن وإلا فعدم اتّصافه بالوجوب أولى فيلزمه التزام هذا التفصيل في الواجب أيضا وهو عدول عمّا ذهب إليه أولا من أن الأصل في الواجبات كونها توصّلية واللَّه الهادي الخامس أن الأمر الواقع عقيب الحظر ظاهر في الإباحة المطلقة المساوية لرفع الحرج في الفعل ومجمل بالقياس إلى الأنواع الأربعة المندرجة تحت تلك الإباحة المطلقة ومرجعه إلى القول بالتوقف في تمام المراد ولعلّ هذا أيضا هو مراد الأكثر إذ الظَّاهر كما صرّح به غير واحد أن قولهم بإفادته للإباحة لا يراد به إفادتها الإباحة الخاصّة ومنه يظهر أن من جعل القول بالتوقف مقابلا للقول بالإباحة مفسّرا لها بالرّخصة المحضة وهو جملة من الأعلام ليس على ما ينبغي اللَّهمّ إلَّا أن يوجّه ذلك بأنّ مراد الشارع ظهور الصّيغة في ذلك القدر المشترك العام بين الأحكام الأربعة نظير لفظ الإذن والرّخصة فلا إجمال في مدلول اللَّفظ أصلا وإنّما الإجمال في المراد كما قد يقال بمثل ذلك في المطلق مع العلم بالتقييد في الجملة ومراد القائلين بالتّوقف عدم ظهوره في شيء حتى الرّخصة المطلقة ودورانه بين الأنواع الأربعة وبين تلك الرخصة فالعلم بالرّخصة على هذا القول غير حاصل من نفس اللَّفظ بل من العلم الإجمالي بدوران المدلول بين ما هو مندرج تحته بخلافه على قول المشهور فإنه مستفاد من نفس اللَّفظ وظهوره العرفي فافهم وذهب العلَّامة رحمه الله في التهذيب إلى دلالتها على الوجوب وربّما قيل بأنّها

239

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست