responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 192


الغضّ عما أورده بعض الناظرين في كلامه يرد عليه أنّ دلالة مجموع اللَّفظين على المعنى المجازي ليست دلالة الالتزامية لأن المعنى المجازي ليس خارجا لازما للمراد من اللَّفظين بل عينه ولا المجموع معنييهما الحقيقيّين إذ من البيّن أنّ الرّجل الشجاع ليس خارجا عن مجموع معنى الأسد الرّامي لازما خارجيا لهما باللَّزوم بمعنى عدم الانفكاك لأنّ المفهوم المتعقل من ملاحظة مجموع المعنيين أعني مفهوم الأسد ومفهوم كونه راميا أمر غير موجود في الخارج فكيف يكون ملازما لموجود خارجي فالانتقال إلى المعنى المجازي مستند إلى أمر غير الملزوم وهي قرينة الحال لأنّ قول القائل رأيت أسدا راميا بعد تعذّر حمله على الحقيقة لامتناع تعلَّق الرّؤية بأمر مستحيل عادة ينصرف عرفا إلى قوله رأيت شجاعا هذا مضافا إلى أنّ المشترطين جعلوا اللَّزوم المعتبر في الالتزام اللَّزوم الذهني دون الواقعي واللَّزوم الذهني عبارة أخرى عمّا فهمه التفتازاني من عدم حصول الغفلة عن تعقّل المدلول الالتزامي عند تعقل المسمّى وقد تلخص من مجموع ما ذكرنا أنّ المطابقة دلالة اللَّفظ على تمام الموضوع له والتضمّن دلالته على جزئه والالتزام دلالته على خارجه وأن المجازات خارجة عن المقسم لكونه هي الدّلالة الناشئة من نفس الوضع من دون الالتفات بالقرينة أو أنّها داخلة في الالتزام على الوجه الَّذي فصّلناه إن بنينا على كون التقسيم حاضرا واعلم أنّ أبعد ما حرّرنا المقام بما أدّى إليه نظرنا في توجيه كلام العلَّامة الطَّوسي رحمه الله وعدم فائدة لمنع استعمال اللَّفظ في المعنيين في تصحيح حدود الدّلالات وتوجيه دخول المجازات في الالتزام مع كونها مرادة بالذات وغير ذلك من التّفاصيل راجعت إلى حاشية المحقق الشريف على شرح التلخيص فوجدته مصرحا أو ملوحا بما حققنا وعليك بالمراجعة إليها لعلَّك تفهّم منها ما يخالفنا كلَّا أو بعضا واللَّه الهادي بديعة قد ظهر ممّا ذكرنا في تقسيم الدّلالات وحدودها أنّ دلالة الالتزام قد تكون ناشئة من حاق اللَّفظ بعد العلم بوضعه للملزوم وقد تكون من جهة قرائن خارجة والأولى هي الَّتي يستدل بها على الوضع عند الاختلاف كما يقال إن الأمر للوجوب لأنّ الصّيغة الموضوعة للطَّلب دالَّة عليه بلا معاونة القرينة ولذا لا يفرق العلماء في التمسّك بالتبادر بين إثبات المعاني المطابقية والالتزامية فكما أنّ التبادر دليل على إثبات الوضع وتعيين الموضوع له فكذلك هو دليل على تعيين الأجزاء ولوازم الموضوع له وهذا معنى كون الأمر حقيقة في الوجوب مع كون الوجوب غير معناه الموضوع له بل إمّا جزء له أو لازم وقد سبق منّا بعض الكلام في توضيح المقام في البحث عن التبادر حيث أوردوا إشكالا في كونه علامة للحقيقة وزعموا تخلفه عنها لوجوده في المعاني الخارجة اللازمة مع عدم كونها موضوعا لها وأجبنا عن ذلك بأنّ المراد بكون التبادر علامة للحقيقة دلالته على كون الانتقال من اللَّفظ إلى المعنى بواسطة الوضع لا بواسطة القرينة وأمّا كون ذلك المعنى عين الموضوع له أو جزءه أو خارجه فمستفاد من الأصليّة والتبعية فالتّبادر يدلّ أوّلا على استغناء اللَّفظ في إفادة المعنى عن القرينة ويدلّ ثانيا على كونه تمام الموضوع له أو جزءه أو خارجه باعتبار الصّراحة وعدمها فكلّ معنى يتبادر من صريح اللَّفظ من غير حاجة إلى عمل العقل فهو الموضوع له وكلّ ما يحتاج تبادره إلى عمل العقل فهو الجزء أو اللَّازم ومن هنا اختلف المشارب في التضمّن والالتزام فجعلا تارة من الدّلالة العقلية نظرا إلى توقفهما على عمل العقل بعد العلم بالوضع وعليه جرى علماء البيان وأخرى لفظية وضعية نظرا إلى كفاية العلم بالوضع في تحققهما من دون الاحتياج إلى قرائن خارجة كما عليه مشي أهل الميزان فليس الالتزام اللَّفظي الوضعي مثلا غير الالتزام العقلي كما يوهمه كثير من عبارات القوانين خصوصا في مقدمة الواجب وعبارات غيره لأنّ حقيقة الالتزام هو الانتقال من حاق اللَّفظ إلى أمر خارج عن الموضوع له بعمل العقل بعد العلم بالوضع وليس مدلول الالتزامي يستغن فيه عن إحدى الأمرين والتقسيم إلى العقلي واللَّفظي لا بدّ أن يستند إلى فارق وهو غير متحقق نعم بعض المداليل الالتزامية لا يصحّ التعلَّق في إثباته بالتّبادر كوجوب المقدّمة وحرمة الضدّ بالقياس إلى وجوب ذي المقدّمة وطلب الضدّ الآخر وبعضها ممّا لا سبيل إلى التوصّل إليه سوى التبادر أو ما يجري مجراه من تواتر أو إجماع أو أمارة أخرى كالوجوب بالقياس إلى الأمر وهذا صار سببا لتوهّم انقسام الالتزامات إلى القسمين وقد زيفنا هذا التوهم وأوضحنا الوجه في ذلك في مبحث التبادر ومن أراد الخبرة فليرجع إلى ذلك المبحث نعم ستعرف أنّ بعض الالتزامات يحتاج بعد الأمرين إلى ملاحظة القرائن وأشياء أخر لكنه خارج عن مراد المقسم قطعا فانتظر وتدبّر وأمّا الثانية وهي الناشئة من قرائن الحال أو المقال بعد العلم بالوضع فهي على ضربين أحدهما أن يكون الدّلالة عليه على وجه التجوّز وذلك بأن يكون مؤدّى القرينة استقلال اللَّازم بإرادة المتكلَّم كما في المجاز المرسل والمجاز بالاستعارة وقد يكون الدّلالة عليه لا على وجه الحقيقة ولا على طور المجاز بل على طور ثالث لا يرجع إلى العقليّة المحضة وذلك مثل المعاني الَّتي تستفاد من مقامات صدور الكلام وملاحظة حال المتكلَّم وسائر ما به من الخصوصيات فهذه تستفاد أيضا من اللَّفظ بعد العلم بالوضع لأنّ ملاحظة صدور ذلك الكلام وإرادة معانيه الموضوع لها في المقام المخصوص توجب الانتقال إلى ذلك اللَّازم وهذا مثل الحصر المستفاد من السّكوت في مقام البيان فإن الدّالّ عليه ليس هو اللَّفظ مستقلَّا حتى يندرج

192

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست