responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 193


تحت القسم الأوّل من المداليل الالتزامية فينتقل إليها من حاق اللَّفظ ولا العقل المحض حتى ينسلك في سلك دلالة اللَّفظ على وجود اللافظ بل العقل واللَّفظ جميعا بعد ملاحظة مقام البيان وملاحظة أنّ الاقتصار على بعض المقصود في ذلك المقام لا ينبغي صدوره من عاقل فهذا ضرب آخر من الالتزام اللَّفظي ليس من المجاز ولا من الحقيقة ولا من العقليّة المحضة والتميز بين هذا القسم والأوّل المستند إلى عمل العقل بعد العلم بالوضع من دون الاستعانة بالقرائن الخارجة بحسب المفهوم واضح وأمّا بحسب المصداق فقد يكون مشكلا وممّا تطرق فيه الإشكال دلالة المفاهيم فمنهم من زعم أنّ التعليق على الشرط أو الوصف يدلّ على الانتفاء عند الانتفاء التزاما وضعيا نظير دلالة الأمر على الوجوب ودلالة الشمس على الضّوء بناء على أنّ التعليق موضوع للسّببيّة المطلقة الَّتي يلزمها الانتفاء عند الانتفاء ومنهم من ذهب إلى أن مفاد التعليق لا يزيد على الثبوت عند الثبوت من غير مدخلية للمعلَّق عليه فيه رأسا أو على وجه يلزمه الانتفاء عند الانتفاء إلا أنّ ما ذكرنا لا دخل له في الحكم والإتيان بالفضلة لا يليق بحال العاقل إلا لغرض وذلك الغرض عند الإطلاق يعني عند فقد ما يعلم به ذلك الغرض الدّاعي إلى إتيان الفضلة محمول على غرض الاحتراز والانتفاء عند الانتفاء كما يأتي تحقيق المقام إن شاء الله تعالى في محلَّه ومن هذا القسم الأخير أيضا مداليل فحاوي الخطابات كحرمة الإيذاء ووجوب الإكرام المستفادين من تحريم الأف فإن الاقتصار على ملاحظة أوضاع ألفاظ ذلك الخطاب لا يقتضي عمل العقل وحكمه بإرادة حرمة الإيذاء بل لا بدّ مع تلك الملاحظة ملاحظة ما سيق لأجله الكلام من الترفية والتّبجيل والإشفاق وبعد ضمّ الملاحظتين يدلّ العقل على الحرمة والوجوب المذكورين بالأولوية القطعية فالمفاهيم مخالفها وموافقها على نسق واحد إذا لم يبن في المخالف على كون الدّلالة فيه من القسم الأخير الناشئ من مقتضيات المقام وقرائن الحال أو المقال لا من جهة الملازمة الواقعية بين الموضوع له وغيره كما في الأوّل وربما يظهر من بعض أجلَّة السّادة أنّ الأوّل يرجع إلى المطابقة والثاني أعني الموافق إلى الالتزام قلت أما رجوع الأوّل إلى المطابقة فعلَّله بأنّ التقييد بالشرط حقيقة في التعليق موضوع له وفيه أن الانتفاء عند الانتفاء ليس عين مفهوم التعليق بل لازمه فالدال على التعليق والتقييد دال على المفهوم بالالتزام وأمّا رجوع الثاني إلى الالتزام فإن أراد كونه من القسم الأول ففيه أيضا ما عرفت وإن أراد كونه من الثاني فهو حق وكيف كان فقد ظهر لك أنّ مداليل الألفاظ وما يستفاد منها بلا واسطة أو مع الواسطة لا يتعدّى عن الثلاثة المطابقة والتضمّن والالتزام المنقسم إلى أقسامه الثلاثة وأن الكلّ داخل في الدّلالة اللَّفظية لمدخلية اللَّفظ ووضعه فيها في الجملة وزعم السيّد المتقدّم أن مداليل الألفاظ بحسب متفاهم العرف قد تكون خارجة عن الأقسام الثلاثة وجعل دلالة الأمر على وجوب المقدمة وحرمة الضدّ ضربا رابعا ودلالة الآيتين على أقلّ الحمل قسما خامسا وصرّح بأن المدار في الدلالة على متفاهم أهل العرف نهوض اللَّفظ بها عرفا فلا يشترط الوضع ولا الدّخول في الموضوع له ولا اللَّزوم الذهني ثمّ قال إذا عرفت هذا بان لك أن ما تكرّر على ألسنة جماعة من الاستدلال على نفي الدلالة بانتفاء الأولين لعدم الوضع والدّخول والثالثة بعدم اللَّزوم الذهني لا وجه له قلت لا إشكال ولا خلاف في أنّ المدار في الدلالة اللَّفظية على ما ذكره قدس سره من تفاهم أهل العرف إنما الكلام في منشإ التفاهم وأنّه الوضع أو اللَّزوم أو القرينة أو مقامات الكلام وأيّما كان فقد عرفت دخوله في أحد الأقسام المذكورة وما ذكره القوم وعلماء البيان والميزان من حصر الدلالة في الثّلاثة حصر عقلي لأنّ دلالة اللَّفظ لا بدّ فيها من الاستناد إلى سبب وإلَّا لدلّ كلّ لفظ على كلّ معنى وذلك السّبب قد يكون هي العلاقة الجعلية كالعلاقة الموجودة بين اللَّفظ ونفس الموضوع له وقد تكون واقعية كالعلاقة الموجودة بين الموضوع له وغيره جزءا كان أو خارجا فما ليس بينه وبين مدلول الكلام من المعاني الخارجية علاقة أصلا كان سبقه إلى الذهن من بين سائر الأغيار ترجيحا بلا مرجّح نعم قد عرفت أنّ العلاقة أعني اللَّزوم الذّهني قد يكون ثابتا بين المعنى وبين نفس الموضوع له كما في وجوب المقدّمة بالنّسبة إلى وجوب ذيها وحرمة الضدّ بالنّسبة إلى وجوب ضدّه على القول بهما من دون الحاجة إلى ملاحظة قرائن الحال أو المقال وقد يكون ثابتا بينهما بعد ملاحظة مقتضيات الأحوال ومقامات الكلام كالحصر المستفاد من السّكوت في الكلام المسوق لبيان تمام المراد وكذا كلّ مقام يستفاد من عمل العقل بعد ملاحظة الخصوصيّات المخصوصة به مثل استفادته العموم من الألفاظ الغير الدالَّة عليه بالوضع باستعمال مقدماته الَّتي منها الحكمة ولو لا تمثيله للخارج عن الثلاثة بدلالة الأمر على وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ كان توجيه ما ذكره بحمل كلامه على الالتزام الناشئ من الملازمة بين المعنى ونفس الموضوع له ممكنا إذ لا يبعد اختصاص الاصطلاح بذلك وخروج الدّلالة الناشئة من ملاحظة قرائن الأحوال والأقوال غير المجازات عن الالتزام اصطلاحا إلا أنّ التمثيل بهما يفصح عن خفاء الملازمة الَّتي بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها عليه قدس سره حيث كان العلم بها محتاجا إلى بعض النّظر والتأمّل كما يدلّ عليه اختلاف عقول الأعلام في إثباتها ونفيها وسيأتي إن شاء الله تعالى في بابه ما يزيح العلَّة ويكشف الغمّة عن وجه المرام ونسأل اللَّه التوفيق والعافية عن جميع الآلام والأسقام ثم إنّه قدس

193

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : ميرزا حبيب الله الرشتي    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست