نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 605
و لعلّه قد نظر إلى تقدّم نفس الفحص على التّرجيح و إن تأخّر وجوبه عن وجوبه
قوله
مع أن أصالة العدم لا تجري إلخ(1) لأنها أصل قد ثبت التعبّد
بمقتضاهشرعا في مورد الشّكّ و العقل إنّما يستقل بحكم في مورد بعد إحراز
جميع ما له دخل في حكمه وجودا و عدما على سبيل القطع أو الظنّ المعتبر و
أصالة العدملا ترفع الشكّ فلا يستقل معه العقل بالحكم بالتخيير و فيه نظر
إذ لم يظهر فرق في ذلك بين الأصول التعبّدية و الطرق غير العلمية و إن
أفادت الظنّ لأنّ حكم العقلبالتخيير في مورد الظنّ بعدم المزية لأحد
المتعارضين إن كان لأجل إدراكه لعدم المزية في الواقع فلا ريب أنّ الظنّ لا
يثبت ذلك لبقاء احتمال الخلاف معه نعم لو اعتبرحكم العقل ظنّا لأجل كون
بعض مقدماته ظنيّا صحّ ذلك إلاّ أنّه لا دليل على اعتباره حينئذ و إن كان
لأجل تعبّد الشّارع بعدم احتمال الخلاف في مورد الظنّ حتّى يكونحكمه
بالتخيير ظاهريّا فلا شكّ أنّ أصالة العدم أيضا كذلك لأنّ مقتضى اعتبارها
شرعا عدم الاعتناء باحتمال خلاف مقتضاها و بالجملة أنّ الظنّ و الشكّ
متحدانفي الحكم فإن لم يقم على اعتبار الظنّ دليل شرعا فهو بمنزلة الشّكّ
في عدم جواز ترتيب أثر عليه و إلاّ فهو و الشّكّ الّذي رتب الشّارع عليه
آثار المشكوك فيه بمنزلةالعلم في الظّاهر و إن فارقا العلم من بعض الجهات
فتدبّر
في التراجيح
بيان الوجوه التي يرجح بها إحدى الأمارتين على الأخرى
قوله
و فيه مقامات إلخ [2] لا يذهب عليك أنّ هنا مقاما خامسا كان للمصنف
رحمه الله أن يشير إليه أيضاو إن كان أكثر ما سنذكره مستفادا من تضاعيف
كلماته إلاّ أن ذكره في عنوان أدخل في معرفة وجوه التّراجيح و مجاريها
فنقول إنّ الترجيح لا بدّ أن يكون لأسباب و لا بدّفي معرفة مجاريها من
معرفة أقسام الأدلّة فليعلم أنّ الدّليلين المتعارضين إمّا لبّيان
كالإجماعين المنقولين و الشّهرتين كذلك و نحوهما أو لفظيان كتعارضالخبرين
أو مختلفان كالملفق من اللبّي و اللفظي و جميع أسباب الترجيح أيضا لا يخلو
من أقسام أربعة لأنها إمّا أن ترجع إلى جهة الصّدور و هي الأمور الّتي لها
دخل فيقوّة السّند ككون أحدهما عالي السّند أو كثير الرّواة أو كون
الرّواية مسندة لا مرسلة و متّصلة لا مقطوعة و كذا الأمور الّتي ترجع إلى
صفات الراويككونه أوثق أو أورع أو أفقه أو فطنا أو نحو ذلك و إمّا أن ترجع
إلى وجه الصّدور كورود الرّواية في مقام التقيّة و أمّا ورودها لمصالح أخر
كما حكي عن صاحبالحدائق و ربّما يومي إليه بعض عبارات المصنف رحمه الله
أيضا فليس في أخبارنا ما يطمئنّ بكونه من هذا الباب إن لم يحصل الإجماع على
خلافه ثم التقية تارة تكونفي العمل كصلاة الإمام عليه السّلام خلف
المخالف و توضيه على طريقتهم عند الخوف منهم و هذه ليست من أسباب الترجيح
بمعنى كون الخبر المتضمّن لذلكمرجوحا بالنسبة إلى ما لم يكن كذلك إذ
التكليف الّذي تضمّنه الفعل الواقع في مقام التقيّة تكليف واقعي أوّلي
بمعنى كون التكليف الواقعي للمكلّف عند الخوفمن الكلاب الممطورة هو وجوب
التّوضي مثلا على طريقتهم و ليس حكما ظاهريّا كما توهمه المحقّق القمي رحمه
الله و قد بسطنا بعض الكلام في ذلك في تعليقنا على القوانينفراجع إليها
فإذا أورد خبر متضمّن لتوضي الإمام عليه السّلام على طريقتهم عند الخوف
منهم و آخر متضمّن للتوضيح على مذهب الطّائفة الناجية المحقة لا
يتحققالتعارض بينهما أصلا و أخرى في القول و هي على وجوه أحدها أن لا يقصد
الإمام عليه السّلام بكلامه الصّادر عنه في مقام التقيّة شيئا لا معناه
الظّاهريو لا غيره بل كان مقصوده مجرّد دفع الخوف عن نفسه بهذا الكلام و
ثانيها أن يقصد بكلامه خلاف ظاهره من دون نصب قرينة عليه بأن كان لكلامه
ظاهرو أراد خلافه دفعا للتقيّة و لذا قد يحمل على خلافه نظرا إلى اندفاع
التقية بذلك فيكون خلافه مقصودا و ببالي أنّه يظهر ذلك من بعض كلمات المصنف
رهو في إطلاقه نظر إذ على تقدير إرادة خلاف الظّاهر فالتقية قرينة صارفة
لا معينة فإذا كان خلاف ظاهره محتملا لوجهين لا يتعين المراد بذلك
اللّهمّإلاّ أن يكون أحدهما أقرب المجازين فتدبّر و ثالثها أن يورد الكلام
على وجه الإجمال حيثما تندفع التّقيّة بذلك بأن كان الكلام ذا وجهين
فصاعدا من دونظهور له في أحدهما فأراد أحدهما من دون نصب قرينة عليه مثل
ما سئل بعض العلماء عن علي عليه السّلام و أبي بكر أيّهما خليفة رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آلهفقال من بنته في بيته و منه قول عقيل أمرني معاوية
أن ألعن عليّا ألا فالعنوه و إمّا أن ترجع إلى جهة الدّلالة ككون دلالة
أحدهما بالعموم و الآخر بالخصوصأو بالإطلاق و التقييد أو أحدهما بالمنطوق و
الآخر بالمفهوم و إمّا أن ترجع إلى جهة المضمون بأن كان مضمون أحدهما أقرب
إلى الواقع من مضمون الآخرلأجل الموافقة للشّهرة و نحوها و جميع المرجحات
المذكورة في الباب لا يخرج من أحد الأقسام الأربعة المذكورة و ربّما يزاد
عليها قسم خامس و هي مرجحاتالمتن و قد أدرجناه في الأقسام المذكورة تقليلا
للأقسام ثم إنّك قد عرفت أنّ الدّليلين لا يخلوان إمّا أن يكونا لفظيين أو
لبّيين أو مختلفينو أمّا معرفة تأتّي وجوه التراجيح كلا أو بعضا في أقسام
الأدلّة المتعارضة فتتوقف على توضيح للمقام فنقول إنّ الدليل اللّفظي إمّا
هو الكتاب أو السنة النّبويّةأو الإماميّة أعني الأخبار المأثورة عن
الأئمة الأطهار عليهم السّلام و أمّا الكتاب فلا تتأتى فيه مرجحات السند
لقطعية سنده اللّهمّ إلاّ أن يفرض بالنسبة إلىاختلاف القراءات كقراءة
يطهرن بالتخفيف و التّضعيف و كذا مرجحات وجه الصّدور لعدم تأتي احتمال
التقيّة في كلامه سبحانه و أمّا مرجحات الدّلالة أوالمضمون فهي جارية فيه
كتعارض منطوق آية مع مفهوم أخرى أو ظاهري آيتين مع موافقة أحدهما للشّهرة و
أمّا السنّة النبويّة فيجري فيها جميع المرجّحاتما عدا مرجّحات وجه
الصّدور لعدم تقيّة النبي صلّى اللّه عليه و آله في بيان الأحكام لعدم خوفه
من أحد في عصره في إبلاغها و أمّا السّنة الإماميّة فيجري فيها
المرجّحاتبأقسامها و هو واضح و أمّا الدّليل اللبّي و هو فعل الإمام عليه
السّلام و تقريره و الإجماع محصّلا و منقولا على ما ستعرفه أو الشّهرة أو
ما يضاهيها فلا تجريفيه مرجحات الدّلالة مطلقا لفرض عدم كونه من قبيل
اللّفظ حتّى تصلح دلالته للقوّة و الضّعف و أمّا باقي المرجحات فأمّا الفعل
و التقرير فتجري فيهما المرجحات الصدوريةو أمّا وجه الصّدور فتجري في
الثاني دون الأوّل لما عرفت من خروج التقيّة في العمل من موضوع البحث بخلاف
التقية في تقرير شخص على عمله لجواز أن يأتي شخصفي حضور إمام عليه
السّلام بفعل و قرّره عليه السلام على هذا الفعل خوفا منه أو من غيره و
التقيّة في التقرير كالتّقيّة في القول في الاندراج في عنوان البحث كما
يظهر ممّا قدمناه
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 605