نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 521
استصحاب الحكم المخالف للأصل في شيء دليل شرعيّ رافع بحكم الأصل
و مخصص لعمومات الحلّ كاستصحاب حكم العنب فإنّ الأصل قد انتقض فيه
بالإجماعو النّصوص الدّالّة على تحريمه بالغليان و عمومات الكتاب و
السّنّة قد تخصّصت بهما قطعا و حينئذ فينعكس الأمر في الزبيب و يكون الحكم
فيه بقاء التحريم الثابتله قبل الزبيبة بمقتضى الاستصحاب فلا يرتفع إلاّ
مع العلم بزواله و الخاصّ و إن كان استصحابا مقدّم على العام و إن كان
كتابا كما حقّق في محلّه و أمّا استصحابالحلّ فغايته الحلّية بالفعل و هي
لا تنافي التحريم بالقوّة و الحلّ المنجز يرتفع بحصول شرائط التّحريم
المعلّق فإن قيل مرجع الاستصحاب إلى ما ورد في النّصوصمن عدم جواز نقض
اليقين بالشكّ و هذا عام لا خاص قلنا الاستصحاب في كلّ شيء ليس إلاّ بقاء
الحكم الثّابت له و هذا المعنى خاصّ بذلك الشيء و لا يتعدّاهإلى غيره و
عدم نقض اليقين بالشكّ و إن كان عاما إلا أنّه واقع في طريق الاستصحاب و
ليس نفس الاستصحاب المستدلّ به و العبرة في العموم و الخصوص بنفسالأدلّة
لا بأدلّة الأدلّة و إلاّ لزم أن لا يوجد في الأدلّة الشرعيّة دليل خاصّ
أصلا إذ كل دليل فهو ينتهي إلى أدلّة عامّة هي دليل حجيته و ليس عموم
قولهمعليهم السّلام لا تنقض اليقين بالشكّ بالقياس إلى أفراد الاستصحاب و
جزئياته إلاّ كعموم قوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبإ
بالقياس إلى أخبار الآحاد المرويّة فكماأنّ ذلك لا ينافي كون الخبر خاصا
إذا اختصّ مورده بشيء معيّن فكذا هذا و لذا ترى الفقهاء يستدلّون باستصحاب
النجاسة و الحرمة في مقابل الأصول و العموماتالدّالّة على طهارة الأشياء و
حليّتها و كذا باستصحاب شغل الذّمّة في مقابلة ما دلّ على براءة الذّمة من
الأصل و العمومات و في مسائل العصير ما يبتنى على ذلكأيضا كمسألة الشكّ
في ذهاب الثلثين و كون التحديد به تحقيقا لا تقريبا و كذا مسألة خصت الإناء
و صيرورة العصير دبسا قبل ذهاب ثلثيه و غير ذلك من المسائل و لو لا أنّ
الاستصحابدليل خاصّ يجب تقديمه على الأصل و العمومات لم يصح شيء من ذلك و
هذا من نفائس المباحث فاحتفظ به انتهى كلامه رفع في الجنان مقامه و اعترض
عليهصاحب الفصول بعد إيراد ملخص كلامه في مبحث العام و الخاصّ بما لخّصه
المصنف رحمه الله قائلا التحقيق أنّ هنا مقامين الأوّل تخصيص العام و رفع
شموله لبعض مايتناوله بالاستصحاب الثّاني إبقاء حكم المخصّص بعد قيام دليله
في بعض ما يتناوله العام بالاستصحاب أمّا المقام الأوّل فلا ريب في عدم
حجيّة الاستصحابفيه سواء كان موافقا للأصل أو مخالفا له لأنّ أدلّة حجيّته
مقصورة على صورة عدم دلالة دليل على الخلاف و إن كان في أدنى درجة من
الحجيّة و عموم العامدليل فلا يصلح الاستصحاب لمعارضته و لأنه لا كلام في
أنّ ظاهر الأمر و النّهي لا يعارضان باستصحاب براءة الذّمة و إلاّ لم يثبت
بمجرّدهما إيجاب و تحريم أصلا فكذلكظاهر العام لمشاركة الجميع في كونه
دليلا لفظيّا مقدّما على الأصول الظاهريّة و لأنّه لو صلح الاستصحاب دليلا
على تخصيص العام لبطل الاحتجاج بالعموماتالمخالفة له لوجوب قصر حكمها
حينئذ على بعض لا يجوز تطرق التخصيص إليه لأنّ القدر الثّابت بها ارتفاع
حكم الاستصحاب بالنسبة إلى ذلك البعض و أمّا بالنسبةإلى غيره فليس هناك ما
يدل على رفعه إلاّ العموم و قد فرض عدم صلوحه له و الفرق في ذلك بين
الاستصحاب الموافق للأصل و المخالف له مما لا وجه له بعد اشتراكالمستند و
عموم أدلة حجيته نعم يستثنى من ذلك استصحاب عدم النّسخ عند سبق المخصّص
الغير المستوعب فإنّه ينهض دليلا على التخصيص بضميمة مورده لقرب التخصيصو
بعد النّسخ كما سيأتي و أمّا المقام الثّاني فلا ريب في حجيّة الاستصحاب
فيه إذا اشتمل على شرائط الحجيّة من غير فرق بين الموافق منه للأصل و
المخالف له و هو ممّالا خلاف فيه بين القائلين بحجيّته لكنّه ليس من باب
تخصيص العام بالاستصحاب في شيء و من هذا الباب ما ذكره من الأمثلة فإنّ
عمومات البراءة إنّما دلّت علىالبراءة عند عدم دليل على الاشتغال فإذا دل
الاستصحاب على بقاء الاشتغال أو على بقاء موضوع يتفرع عليه الاشتغال ثبت
الاشتغال و ليس شأن الاستصحابحينئذ تخصيص تلك العمومات بل تحقيق عنوان
اختصت تلك العمومات بغيره و كذلك الكلام في عمومات الطّهارة و قد يتخيل أنّ
حكمنا بنجاسة الكرّ الملتئم من قليلين متنجسينمبني على تخصيص عمومات
طهارة الماء بالاستصحاب و ضعفه يعرف ممّا قرّرناه فإن أدلّة طهارة الماء
منها ما يفيد طهارته الابتدائية و استدامتها تعرف بالاستصحابفإذا دل دليل
على عروض النجاسة عليه بالملاقاة أو التغير لم يكن مخصّصا لذلك العموم بل
رافعا لاستمرار الطهارة المستفادة من الاستصحاب و منها مايفيد طهارة الماء
إلى أن تعلم نجاسته و لو بدليل شرعي و هذا العام لا مخصّص له أصلا و حيث
يقوم دليل على الانفعال كان ذلك محقّقا لعنوان الغاية لامخصّصا لعموم
المعنى نعم لو تمسّكنا في الفرض المذكور بالاستصحاب في مقابلة قوله عليه
السّلام الماء إذا بلغ كرّا لم يحمل خبثا بناء على عمومه للخبث السّابق و
اللاّحقكما هو الظّاهر كان تخصيصا للعموم بالاستصحاب لكن الرّواية ضعيفة
غير معمولة و الاستدلال بالاستصحاب هنا لضعف الدّليل و قصوره عن الحجيّة لا
أنالاستصحاب مخصّص لعمومه فاتضح ممّا حققناه أن الفاضل المذكور قد خلط
بين المقامين حيث إنّ صدر كلامه يدلّ على مصيره إلى الجواز في المقام
الأوّل وذيله يدل على إثبات الجواز في المقام الثّاني و اتضح أيضا ضعف
دليله و عدم مساعدة ما استشهد به من كلام الأصحاب على دعواه فتثبّت و لا
تغفل انتهىو مثل في الحاشية للقسم الأوّل من عموم الطّهارة بقوله تعالى و أنزلنا من السّماء ماء طهورا
و للثّاني بقوله عليه السّلام كلّ ماء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر أقول و
لنعم ما أفادو أجاد إلاّ أن الظاهر اشتباه الأمر عليه فيما تخيله من كون
قوله تعالى و أنزلنا من السّماء ماء طهورا و قوله سبحانه و ينزّل عليكم من السّماء ماء ليطهّركم به
و نحوهمامثبتا للطهارة ابتداء لا استدامة إذ هو فاسد لأنّ الأدلّة الدّالة
على قاعدة الطّهارة على أقسام منها ما دلّ على الطّهارة في مقام الظّاهر و
عروض الشكّفيها مثل قوله عليه السّلام كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنّه نجس و
قوله عليه السّلام الماء كلّه طاهر حتى تعلم أنه قذر و منها ما دلّ على
استمرار الطهارة في الواقع مثل قوله عليه السّلامالماء إذا بلغ كرّا لم
يحمل خبثا لأنّ ظاهره كون وصف الكرّية عاصمة عن طريان النّجاسة عليه ابتداء
و استدامة و منها ما دلّ على طهارة الماء في الواقع بحسب أفرادهو جميع
حالاته كالآيتين لورودهما في مقام الامتنان على العباد المفيد للطهارة
لجميع أفراد المياه و في جميع حالاتها مثل حال تغيّرها طعما و لونا و رائحة
و حال
نام کتاب : أوثق الوسائل في شرح الرسائل نویسنده : ميرزا موسى تبريزي جلد : 1 صفحه : 521