إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة ، وهي إمكان التمسك باطلاق الكتاب والسنة على القول بالأعم وعدم إمكان التمسك به على القول بالصحيح . نعم لو كان الشك في اعتبار شئ ركنا للصلاة مثلا لم يجز التمسك بالاطلاق حتى على القول بالأعم ، لأن الشك فيه مساوق للشك في الصدق ، فلا يكون صدق طبيعي المطلق على الفاقد محرزا حتى يكون الشك في اعتبار أمر زائد . وقد نوقش في هذه الثمرة بعدة وجوه : الأول : أنه لا فرق بين القولين في إمكان التمسك بالاطلاق وعدم إمكانه ، والسبب فيه أن المناط في إمكان التمسك بالاطلاق إنما هو يكون المتكلم في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقييد ، وعليه فكما أن الأعمى يتمسك بالاطلاق فيما إذا احتمل دخل شئ في المأمور به زائدا على المقدار المتيقن ، فكذلك الصحيحي يتمسك به فيما إذا شك في اعتبار شئ زائدا على المقدار المعلوم ، ومن هنا يتمسك الفقهاء قدس سرهم باطلاق صحيحة حماد التي قد وردت في مقام بيان الأجزاء والشرائط ، حيث إن الإمام عليه السلام في الصحيحة قد بين جميع أجزاء الصلاة من التكبيرة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليمة ونحوها مقتصرا على تلك الأجزاء وساكتا عن غيرها ، وحينئذ فإذا شك في أن الاستعاذة مثلا جزء لها ، فلا مانع من التمسك بإطلاقها لاثبات عدم كونها جزءا . والجواب : أن هذه المناقشة مبنية على الخلط بين التمسك بالاطلاق اللفظي والتمسك بالاطلاق المقامي الناشئ من السكوت في مقام البيان ، ومحل الكلام في المقام إنما هو في الأول ، وقد تقدم أن التمسك به يتوقف على تمامية مقدمات الحكمة ، وهي متمثلة في الثلاث ، أولاها إحراز تعلق الحكم بالجامع بحسب المراد الاستعمالي وقابلية انقسامه إلى قسمين أو أقسام في الواقع ، وهذه المقدمة