والجواب : أن الدلالة على الزمان ليست من مقومات فعلية الفعل ، فلهذا لا يدل عليه فعل الماضي والمضارع أيضا كما سوف نشير إليه ، فإذن ليست الدلالة على الزمان من ملاك فعلية الفعل . بقي هنا أمران : الأول : أن الفعل لا يقع محكوما عليه ويقع محكوما به ، أما عدم وقوعه محكوما عليه ، فلأن الفعل وإن كان متكونا من المادة التي هي معنى اسمي والهيئة التي هي معنى حرفي ، إلا أن الملحوظ والمنظور فيه إنما هو المعنى الحرفي ، أي مدلول الهيئة الذي هو ملاك فعلية الفعل ، دون مدلول المادة المشتركة ، فإنه معنى اسمي وليس دخيلا في فعلية الفعل ، لأنها متقومة بهيئته الطارئة على المادة التي هي بمثابة الصورة النوعية له ، ولهذا يكون امتياز كل فعل عن آخر إنما هو بهيئته ، فمن هذه الجهة لا يقع الفعل محكوما عليه . فالنتيجة أن الفعل وإن كان مركبا من المعنى الاسمي الذي هو مدلول المادة والمعنى الحرفي الذي هو مدلول الهيئة ، إلا أن الدخيل في فعليته إنما هو مدلول الهيئة ، وهو النسبة بين المادة والفاعل ، فاحتياج الفعل إلى المادة كاحتياج الصورة إلى الهيولي ، باعتبار أن فعلية الفعل إنما هو بصورته النوعية القائمة بالمادة لا بمادته ، ومن الواضح أن تلك النسبة لا تصلح أن تقع موضوعا للحكم في القضية . وأما وقوعه محكوما به كما في مثل ( زيد قام ) فإنما هو من أجل أن المتفاهم العرفي من الفعل الواقع خبرا للمبتدأ في الجملة الاسمية هو الذات المتلبسة بالمبدأ ، ولهذا ترجع الجملة المذكورة إلى جملة ( زيد قائم ) ، وعليه فوقوعه محمولا إنما هو بهذا اللحاظ لا بلحاظ مدلوله في نفسه وهو النسبة ، وبذلك تمتاز