على النسبة في وعاء الطلب والانشاء ، بينما هما يدلان على النسبة في وعاء الاخبار والحكاية عن الواقع ، ونتيجة ذلك أن النسبة وإن كانت محفوظة في فعل الأمر التي هي ملاك فعليته ، إلا أنها غير النسبة في فعل الماضي والمضارع ، فإنها متمثلة في النسبة الطلبية الانشائية تصورا وتصديقا ، بينما النسبة فيهما متمثلة في النسبة الحكائية والاخبارية كذلك ، فإذن يمتاز فعل الأمر عن أخويه في المدلول التصوري ، لأن المتبادر منه عند سماعه هو النسبة الطلبية وإن كان من لافظ بغير شعور واختيار ، كما أن المتبادر منهما النسبة الاخبارية الحكائية كذلك ، ومن هنا إذا استعمل فعل المضارع في النسبة الطلبية الانشائية لم يجرد عن كونه فعلا ، لأن استعماله فيها لا ينافي فعليته . والخلاصة أن ملاك فعلية الفعل إنما هو دلالته على نسبة المادة إلى فاعل ما صدورا أو حلولا ، غاية الأمر أن هذه النسبة قد تكون في وعاء الطلب والانشاء ، وقد تكون في وعاء التحقق والاخبار ، فالنسبة الصدورية من الفاعل في كلا الوعائين ثابتة ، ولا فرق بين أن تكون هذه النسبة بنحو الطلب منه أو بنحو التحقق والاخبار عنه ، وعلى هذا فملاك فعلية الفعل محفوظة في صيغة الأمر كما أنه محفوظة في صيغة المضارع إذا استعملت في مقام الانشاء والطلب . نعم لو كان ملاك فعلية الفعل دلالته على النسبة في وعاء التحقق والاخبار لم تكن صيغة الأمر فعلا ، لفرض أنها لا تدل على النسبة في ذلك الوعاء ، ولكن لازم هذا تجريد فعل المضارع عن الفعلية أيضا إذا استعمل في مقام الطلب والانشاء ، وهو كما ترى . قد يقال كما قيل : إن من خاصة الفعل المميزة دلالته على الزمان ، وحيث إنها لم تتوفر في فعل الأمر لعدم دلالته عليه ، فلا يكون فعلا .