الأوّل ان غاية كل فعل هي فائدته القائمة به ، وهي بوجودها الخارجي غاية ، وبوجودها العلمي علة غائية ، والأمر ليس من فوائد الفعل بوجوده الخارجي ، كيف وهو متقدم عليه ولا يعقل بقاؤه بعد وجود الفعل ؟ فليس بوجوده العلمي علة غائية حتى يوصف بكونه داعياً وباعثاً . الثاني ان موافقة المأتي به للمأمور به من عناوين الفعل ، وقصد الامتثال مرجعه إلى قصد إتيان المماثل للمأمور به من حيث إنه كذلك ، وقصد موافقة الأمر مرجعه إلى قصد ما يوافق المأمور به من حيث إنه كذلك ، ولا يخفى عليك ان موافقة المأتيّ به تارة بالإضافة إلى ذات المأمور به وأخرى بالإضافة إلى المأمور به بما هو مأمور به ، ومرجع الأوّل إلى موافقة الفرد للطبيعي وهو أجنبي عن قصد القربة ولا ينطبق عليه عنوان من العناوين الحسنة . إذا عرفت ذلك فاعلم أن النائب تارة يأتي بالفعل الموافق لما أمر به المنوب عنه من دون قصد عنوانه ، بل يدعوه اليه داع آخر ، فالفعل المنسوب إلى المنوب عنه غير عبادي ، وأخرى يأتي بالفعل بقصد كونه موافقاً لما أمر به المنوب عنه ، لا عن المنوب عنه ، فالفعل لا يقع عباديّاً لا عن المنوب عنه ؛ لعدم إتيانه عنه ، ولا عن النائب ، لعدم المضايف فيه ، إذ لا مأمور به له حتى يقصد كون المأتي به موافقاً للمأمور به ، ومجرد كونه موافقا لذات المأمور به لا يجدي في العبادية ، وثالثة يأتي بالفعل بقصد كونه موافقاً للمأمور به عن المنوب عنه ، فهذا العنوان المقصود لمّا كان عن المنوب عنه فمضايفه بالإضافة إليه فعليّ ، وبعد فرض انتسابه إلى من كان مضايفه فعليّاً فيه يمكن إتيان الفعل المعنون بهذا العنوان في ذاته بقصد