واستحقاقه أمر آخر ، لا يرتبط أحدهما بالآخر ، ولو كان الوجوب مساوقاً للملكية لما صحّ أمر أحد الأبوين بشيء بعد أمر الأخر به ؛ لأنّه إذا قال الأب مثلًا - : أكرم زيداً ، فمقتضى وجوب إطاعته الثابت بالشرع وكونه مساوقاً للملكية على ما هو المفروض ، هي صيرورة العمل وهو إكرام زيد مملوكاً للأب ومستحقّا له حينئذ ، فكيف يمكن ان يؤثر أمر الأمّ في الوجوب المساوق لها بعد عدم إمكان ان يصير المملوك المستحق مملوكاً ثانياً ، فاللازم هو القول بلغويّة أمرها ، مع أنه من الواضح خلافه ، وليس ذلك الَّا لعدم كون الوجوب موجباً لمملوكية الواجب للموجب ، كيف وقد حققنا في علم الأصول ان متعلق الاحكام انّما هي نفس الطبائع والعناوين لا الافراد والوجودات ؛ لأنها قبل التحقق ليست بفرد ، وبعده يحصل الغرض المطلوب منها ، فيسقط الأمر ، والطبيعة لا معنى لكونها مملوكة أصلًا . ومنها : ما ذكره كاشف الغطاء وتبعه المحقق [1] النائيني ( قده ) على ما في التقريرات ، وتقريره بنحو التلخيص : انه يعتبر في الإجارة وما يلحق بها من الجعالة ان يكون العمل الذي يأخذ الأجير أو العامل بإزائه الأجرة والجعل ملكاً له ، بان لا يكون مسلوب الاختيار بإيجاب أو تحريم شرعي عليه ، لأنه إذا كان واجباً عليه فلا يقدر على تركه ، وإذا كان محرّماً عليه فلا يقدر على فعله ، ويعتبر في صحّة المعاملة على العمل كون فعله وتركه تحت سلطنته واختياره ، ومن هنا لا يجوز أخذ الأجرة على الواجبات ؛ لعدم القدرة على تركها ، ولا على المحرّمات ؛ لعدم القدرة على فعلها ؛ فلا يجوز لشاهد الزور أخذ الأجرة على شهادته ؛ لخروج عمله عن سلطنته