الصادقين ( عليهما السلام ) الذي شاع فيه فتوى أبي حنيفة واستحلاله للميتة وكثر متابعوه ، ومع ذلك حكم في الروايات بالأمارية والاعتبار . هذا ولكن قد عرفت في بعض المقامات السابقة ان الظَّاهر جعل الحكم بذلك في الروايات دليلًا على عدم كون يد المسلم امارة أصلًا ؛ لعدم وجود الكشف فيها ولو بالنحو الناقص ، بل المجعول انّما هو أصل تعبدي لغرض التسهيل والتوسعة ، فجعل ذلك دليلًا على عدم الأمارية أولى من الحكم بثبوت الأمارية بنحو الإطلاق ، كما لا يخفى . وأمّا القول الثاني ، فيدل عليه رواية [1] أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن الصلاة في الفراء ، فقال : كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) رجلًا صرداً لا يدفئه فراء الحجاز ، لان دباغها بالقرظ ، فكان يبعث إلى العراق ، فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه ، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه ، فكان يسأل عن ذلك فقال : ان أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة ، ويزعمون ان دباغه زكاته . وتقريب الاستدلال بها : ان موردها صورة الشك في كون البائع مستحلا ؛ لظهور عدم اعتماده ( ع ) في هذه الجهة على علم الغيب الثابت له ، ومن الواضح عدم كون جميع أهل العراق مستحلَّين ، بل كان فيهم من المسلمين العارفين ايضاً ، فالرواية ناظرة إلى صورة الشك وحاكمة بعدم جواز الاعتماد على يده ؛ لأنه ( ع ) كان يلقى في حال الصلاة الفراء المأتي اليه به من العراق ، وكذا يلقي القميص الذي يليه ، فالرواية دالة على عدم الأماريّة مع الشّك .
[1] الوسائل 3 : 338 ب 61 من أبواب لباس المصلَّى ح 2 .