بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ » وأخرى بالبينة ، في قوله [1] تعالى : « قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ » مع أن توصيف البيّنة بكونها من ناحية الرّب ايضاً يدل على كون المراد هي الحجّة الواضحة . ويدلّ على كون المراد بالبيّنة في الموثقة خصوص المعنى الاصطلاحي ، انه لو كان المراد بها هو المعنى اللغوي ، يلزم أن تكون الاستبانة أيضاً من مصاديق البيّنة ، فيكون العطف من قبيل عطف العام على الخاص ، وهو خلاف ما هو المتفاهم عرفاً منها ، كما لا يخفى . ودعوى انه يمكن ان يكون المراد بالبيّنة في النبويّين ايضاً هو المعنى اللغوي لا شهادة عدلين ، مدفوعة مضافاً إلى كونه خلاف ما فهمه الأصحاب منهما ، وقد عبروا بمثلهما في كتاب القضاء اقتباساً منه ( ص ) مع وضوح كون مرادهم هو المعنى الاصطلاحي بأنه لو كان المراد بها هو المعنى اللغوي الذي هو الحجة ، لكان المنكر ايضاً واجداً للحجة ، خصوصاً لو كان تعريفه : انه من كان قوله موافقاً للأصل أو الظاهر ؛ فان المنكر حينئذ يكون واجداً للحجة ، فلا يبقى فرق بينه وبين المدعي ، ولا وجه لترجيحه عليه بعد اشتراكهما في ثبوت الحجة لهما ، كما هو ظاهر . فانقدح انه لا مجال لإنكار كون البينة في الرّواية بالمعنى الاصطلاحي الذي هو شهادة عدلين ، وإن الرواية ظاهرة في اعتبارها وحجّيتها . ثمّ ان في الرواية اشكالًا ثالثاً ؛ وهو انه قد جعلت البيّنة فيها غاية للحلّ ، فكأنه قال ( عليه السلام ) [2] : كل شيء لك حلال حتى تعلم حرمته
[1] سورة الأعراف : الآية 105 . [2] الوسائل 12 : 60 ب 4 من أبواب ما يكتسب به ح 4 .