بالرواية على ما هو المقصود في المقام من حجية البيّنة ؛ فإن عدم انطباق القاعدة على الموارد المذكورة لا يستلزم خروج ذيل الرواية الدال على اعتبار البينة وإن قيامها يوجب سقوط أصالة الحلية عن الاعتبار والحجية وعدم جريانها ، فتأمل . ثانيهما : ان كلمة « البيّنة » لم تثبت لها حقيقة شرعية ولا متشرعيّة ، وإنما استعملت في الكتاب والاخبار بمعناها اللغوي ، وهو ما به البيان والظَّهور ، وبعبارة أخرى : هي بمعنى الحجّة ، فلا مجال للاستدلال بالرواية على حجيّة البيّنة بالمعنى الاصطلاحي . والجواب : ان ظهور « البينة » مع الإطلاق وعدم وجود قرينة على الخلاف في هذا المعنى الاصطلاحي ممّا لا ينبغي إنكاره ، ويدلُّ عليه استعمالها فيه من الصدر الأوّل في مثل قوله [1] ( ص ) : « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » وقوله [2] ( ص ) : « إنما أقضي بينكم بالبيّنات والإيمان » ، وغيرهما من الموارد الكثيرة ، ولم يعلم استعمالها في الكتاب وغيره في غير هذا المعنى الاصطلاحي من دون قرينة ، كما في التعبير المعروف : « دعوى فلان خالية عن البرهان والبيّنة » . نعم قد استعملت في الكتاب في خمسة عشر موضعاً منه بمعناها اللغوي وهو الظهور والبيان ، لكن مع القرينة ، فنرى انه قد عبر فيه عن معجزتي موسى ( ع ) تارة بالبرهان في قوله [3] تعالى : « فَذانِكَ
[1] المفردات للراغب 67 مادة بين : مستدرك الوسائل 17 : 368 ب 3 من أبواب كيفية الحكم ح 5 . [2] الوسائل 18 : 169 ب 2 من أبواب كيفية الحكم ح 1 . [3] سورة القصص : الآية 28 .