الأمانة إلى مالكها ، وحفظ النفس المحترمة من الهلاك ، وغير ذلك من المستقلَّات العقلية ، ولا ريب عند العقل في استحقاق الثواب وترتب الجزاء عليها ، من دون فرق بين البالغ والصبي ، خصوصاً إذا كان مراهقاً ، وقد بقي مقدار شهر أو يوم أو ساعة إلى بلوغه الشرعي ، ولا مجال لعروض التخصيص لما يستقل به العقل ، وعليه فاللَّازم بقاعدة الملازمة استحباب هذه الأمور شرعاً ، وترتب ثواب الاستحباب عليها ، وبعدم القول بالفصل بين المستقلَّات العقلية وغيرها ، يتمّ المطلوب ويثبت الاستحباب في سائر الواجبات ايضاً . ويرد عليه : ان لازم ذلك الالتزام باستحقاق العقوبة في ما يستقل العقل بقبحه كالظلم ومنع المالك من وديعته ، وقتل النفس المحترمة ، وغير ذلك من المستقلات العقلية ، والظاهر أنه لا يلتزم به المستدلّ بوجه ، لأن الصبي لا يؤاخذ بشيء من ذلك أصلًا من جهة الشرع كما لا يخفى . رابعها : الاعتبار العقلي ؛ فإنه من المستبعد جدّاً ان يكون هناك فرق بين ما قبل البلوغ بساعة وما بعده ؛ فان المراهق المقارب للبلوغ جدّاً ، لا ريب في انّه بمكان من الإخلاص والعبودية للَّه تعالى كما بعد البلوغ ، بل في الحالة الأولى ربا يكون أشد من الحالة الثانية ، فيبعد كونه مأجوراً على الثانية دون الأولى . ويرد عليه : ان ذلك مجرّد استبعاد لا يكاد يصلح لان يكون دليلًا ، ويجرى هذا الاستبعاد في جميع التقديرات الشرعية ؛ فإنه من البعيد ان يكون الماء أقل من الكرّ بمقدار قليل ومع ذلك لا يترتب عليه شيء من آثار الماء الكرّ أصلًا ، أو يصلَّي الإنسان قبل الوقت عمداً بلحظة يدخل