ليس علماً بالمعنى الفنّي للعلم ، فلا يتميّز عن باقي العلوم الحقيقيّة بمائز واقعيّ ذاتيّ ، وإنّما هو مجموعة من القواعد التي يحتاج إليها الفقيه في عملية استنباط الحكم الشرعي ، وهذه القواعد تنتمي في جذورها إلى علوم مختلفة كالفلسفة والكلام واللغة وغيرها . لذا ذكر جملة من الأعلام آثار فروع المعرفة الإنسانية على البحث الأصولي . قال أستاذنا الشهيد تحت عنوان مصادر الإلهام في الفكر الأصولي : « لا نستطيع - ونحن في الحلقة الأولى - أن نتوسّع في دراسة مصادر الإلهام للفكر الأصولي ، ونكشف عن العوامل التي كانت تلهم الفكر الأصولي وتمدّه بالجديد تلو الجديد من النظريات : فمنها : علم الكلام ، فقد لعب دوراً مهمّاً في تموين الفكر الأصولي وإمداده وبخاصّة في العصر الأوّل والثاني ، لأنّ الدراسات الكلامية كانت منتشرة وذات نفوذ كبير على الذهنية العامّة لعلماء المسلمين حين بدأ علم الأصول بشقّ طريقه إلى الظهور ، فكان من الطبيعي أن يعتمد عليه ويستلهم منه . ومثال ذلك ، نظرية الحسن والقبح العقليّين » وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ونحوهما من القواعد التي استفيد منها في تنقيح وتحقيق البحوث الأصولية . وكانت لها آثار جمّة على ذلك ، لعلّنا نوفّق للإشارة إليها لاحقاً . « ومنها : الفلسفة ، وهي لم تصبح مصدراً لإلهام الفكر الأصولي في نطاق واسع إلاّ في العصر الثالث تقريباً ، نتيجة لرواج البحث الفلسفي على الصعيد الشيعي بدلاً عن علم الكلام ، وانتشار فلسفات كبيرة ومجدّدة كفلسفة صدر الدِّين الشيرازي ( المتوفّى سنة 1050 ه - ) فإنّ ذلك أدّى إلى إقبال الفكر الأصولي في العصر الثالث على الاستمداد من