وإمّا عامّة ، وهي على ثلاثة أنحاء : الموادّ العامّة التي يُحتاج إليها في كلّ علم ؛ من قبيل استحالة اجتماع النقيضين . فكلّ نتيجة نصل إليها بواسطة الاستدلال أو غيره لابدّ أن يكون نقيضها كاذباً . الموادّ العامّة التي يحتاج إليها في علم خاصّ ، كالجسم وأبحاثه في علم الطبيعيّات ، أو البراءة الشرعية فإنّها غير موجودة في غير الاستدلال الفقهي ، ولأنّها مشتركة في عموم عمليات الاستدلال الفقهي . الموادّ أو العناصر المشتركة في مجموعة من فروع المعرفة ، من قبيل حجّية الظهور ، فإنّها مادّة عامّة ومشتركة ، ولكن ليس في جميع العلوم ، فمثلاً لا معنى لها في الفلسفة أو الرياضيات ، ومن جهة أخرى فإنّها لا تختصّ بعلم الفقه بل هي أوسع من ذلك . فإذا اتّضحت هذه المقدّمة نقول : ما هي العناصر المشتركة أو الموادّ العامّة التي يحتاجها الفقيه في عملية الاستدلال الفقهي ؟ والجواب : إنّ الفقيه يحتاج إليها جميعاً وبدون استثناء ، لكنّه لا يبحثها جميعاً ، لأنّ بعض هذه الموادّ داخلة في باب البديهيّات ، وبعضها الآخر وإن كانت نظرية تحتاج إلى الاستدلال ، إلاّ أنّها بُحثت في مواضعها الخاصّة وتمّ الكلام عنها ، كمسائل علم الكلام مثلاً . إلاّ أنّ هناك جملة من هذه المواد يضطرّ الفقيه لبحثها بشكل مستقلّ في بحثه عن استنباط الحكم الشرعي . ويعود السبب في ذلك إلى عدّة عوامل : الأوّل : إمّا أنّ هذه الموادّ - وإن كانت غير مختصّة بالاستدلال الفقهي - لم تُبحث في علم خاصّ من العلوم ، ولمّا كانت ممهّدة في عملية الاستدلال الفقهي ، فهو محتاج لبحثها في موضع خاصّ غير علم الفقه .